سوريا تخطو بثقة من دولة منكوبة إلى سوق ناشئ

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

بقلم – يسرى المصري:

بدأت تصدح في أفق الاقتصاد السوري سرديات تفائلية لا يمكن غض الطرف عنها ونبدأ من تقارير للمصرف المركزي  وغرف التجارة والصناعة  التي تعزز الثقة المحلية وتستند  على اجراءات الحكومة  لإعادة بناء القدرات الإنتاجية ومعالجة المصرف المركزي لأزمة السيولة  والبدء بتوفير بيانات اقتصادية موثوقة تُبنى عليها السياسات.

وتُعد عودة اللاجئين بُشرى إنسانية واجتماعيه يمكن تحويلها إلى محرك حقيقي للنمو المستدام عبر تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة … فالتعافي الاقتصادي الحقيقي يحتاج إلى أساس أعمق من تحسين المؤشرات النقدية والاتفاقيات الرمزية.

وفي تصريح جميل من نيويورك، أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية مؤخراً في مؤتمر “رويترز نكست” أن اقتصاد البلاد ينمو بوتيرة “أسرع بكثير” من تقديرات البنك الدولي البالغة 1% لعام 2025. وقد استند هذا البيان بشكل أساسي إلى عودة ما يقرب من 1.5 مليون لاجئ إلى البلاد منذ انتهاء الحرب. مما يؤكد على طمأنة المجتمع المالي الدولي وإعادة دمج سوريا في الاقتصاد العالمي.

في قراءة تحليلية لتصريح الحاكم نجد أنه اعتمد بداية على محفز النمو وعودة 1.5 مليون لاجئ ومساهمتهم في الناتج المحلي الإجمالي. بما يتجاوز تقديرات البنك الدولي (1%).

ولا يمكن تجاهل خطط المصرف المركزي بهدف الإصلاح النقدي وإصدار عملة جديدة من 8 فئات مع حذف صفرين من الليرة السورية كونه يرتبط  باستعادة الثقة بالعملة المحلية كـرمز للتحرر المالي.

وفيما يتعلق بالاندماج المالي فثمة اتفاقات جديدة مهمة لا يمكن تجاهلها كالاتفاق مع “فيزا” لبناء أنظمة دفع رقمية، ومحادثات مع “ماستركارد” مما يجعل سوريا مركزاً مالياً لمنطقة بلاد الشام.

ومن الأهمية بمكان كان اتخاذ المصرف المركزي قرار يتعلق بالسياسة المالية ويتضمن وقف تمويل البنك المركزي لعجز الموازنة بعد 7 عقود. مما يعزز انضباط المالية العامة.

بشأن البيئة الخارجية من المتوقع رفع “عقوبات قانون قيصر” بالكامل بحلول نهاية 2025. مما يمنح الطمأنة لبنوك المراسلة العالمية للعودة.

المشهد ما يزال يحتاج الى المزيد من العمل والاجتهاد والإدارة بكفاءة والسعي متواصل لوضع البيانات الموثوقة فسوريا قبل التحرير كانت تفتقر إلى بيانات اقتصادية موثوقة مما كان يضعف أساس أي ادعاءات دقيقة حول معدلات النمو. كما أن البنك الدولي كان يؤكد أن البيانات الاقتصادية لسوريا “شحيحة للغاية”، مما  كان يجعل التقديرات صعبة.

ورغم وجود تحديات .   هيكلية كتراجع الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 50% منذ عام 2010.وانخفاض دخل الفرد إلى أقل من خط الفقر الدولي.

أضف الى ذلك حسب بعض التقديرات  معاناة بعض الشرائح لاسيما في الريف من الفقر المدقع.

لكن على الضفة الأخرى نشهد نجاحات وان كانت بقدر ..ونلاحظ انخفاض محدود للتضخم وتحسن سعر الصرف كمؤشرات للتعافي. و تعكس بالضرورة تحسناً في الاستثمارات وانتعاش الإنتاجية مما يمهد لتعافي  القاعدة الاقتصادية المستدامة.

وسُجلت تحسينات في البنية التحتية (كزيادة ساعات الكهرباء في المنازل من 4 إلى 10 ساعات يومياً) وإجراءات تخفيف (كخفض أسعار الوقود ورفع الرواتب).

وأيضا لا يمكن تجاهل تحديات مستمرة كعجز الميزان التجاري بسبب ضعف الإنتاج واعتماد البلاد على الاستيراد، ولا تزال الاستثمارات الأجنبية (28 مليار دولار) قيد التنفيذ ومن المتوقع تدفق استثمارات جديدة لتكون بحجم الاحتياجات الضخمة لإعادة الإعمار.

ويواجه القطاع المصرفي عائقاً أساسياً يتمثل في اعداد  البيانات الرسمية الدقيقة، مما يحد من قدرة المصارف على تقييم المخاطر وإدارة العمليات بكفاءة.

ويمكن القول أن سوريا بعد التحرير تخطو بثقة من دولة منكوبة إلى سوق ناشئ ..والتوقعات تؤكد  زيادة التدفقات المالية والاستثمارية الدولية بما ينعكس على تحسين أوضاع السوريين.

Leave a Comment
آخر الأخبار