الحرية:
أعرب وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد حسن الشيباني عن شكره وتقديره لرئيس لجنة التحقيق الدولية المعنية بالجمهورية العربية السورية السيد باولو سيرجيو بينهيور، على جهوده في إعداد تقرير اللجنة الأخير حول أحداث الساحل، والذي ينسجم مع تقرير لجنة تقصي الحقائق الوطنية المستقلة.
وأكد الشيباني التزام سوريا بدمج توصيات تقرير اللجنة الدولية ضمن مسار بناء المؤسسات وترسيخ دولة القانون في سوريا الجديدة.
ونشرت وزارة الخارجية والمغتربين عبر قناتها على تلغرام اليوم رسالة الشكر التي وجهها الشيباني إلى بينهيور، وجاء فيها:
أشكر لكم رسالتكم الموجهة إلي، وآمل أن تكونوا بخير منذ أن تشرفنا باستقبالكم والوفد المرافق في دمشق. وأتطلع إلى لقائكم مجدداً ومواصلة تعاوننا البناء.
كما تعلمون – وكما سيتذكر المجتمعان السوري والدولي – فقد اتخذت الحكومة السورية الجديدة خطوة استثنائية وتاريخية بعدم الاعتراض على تجديد ولاية لجنة التحقيق في مجلس حقوق الإنسان، وهي الولاية التي كان النظام البائد يعارضها باستمرار، وقد أدى ذلك، ولأول مرة في التاريخ السوري الحديث إلى اعتماد القرار بالإجماع، مما يعكس التزامنا بالشفافية والمساءلة والتعاون البنّاء مع المجتمع الدولي.
نقدر عالياً الجهود التي عكسها تقريركم الأخير، ونفخر بشكل خاص بإقرار اللجنة بمنح فريقكم الاستقصائي في شهر آذار، وصولاً غير مسبوق ودون أي قيود إلى المناطق الساحلية المتأثرة بالعنف، وهو وصول لم يُمنح لأي جهة دولية من قبل في التاريخ السوري المعاصر.
لقد أخذنا بعين الاعتبار وبجدية ادعاءات الانتهاكات التي وردت في تقريركم عن تلك الفترة، والتي تبدو متسقة مع النتائج التي استعرضها ملخص تقرير “اللجنة الوطنية المستقلة”، التي كلفها فخامة الرئيس أحمد الشرع بعد أيام من الأحداث العنيفة في آذار، وقد نُشر ذلك التقرير في شهر تموز وخضع للتدقيق الإعلامي في مؤتمر صحفي شفاف، وهي خطوة غير مسبوقة في سوريا.
وكما أشرتم، ما زالت هذه الادعاءات قيد التحقيق الرسمي، وقد تم توقيف عدد من الأشخاص على إثرها، وهذا التوافق يؤكد أهمية جهودنا في بناء مؤسسات وطنية ذات مصداقية تكسب ثقة الجمهور، وهي مؤسسات كان نظام الأسد قد دمرها وجردها من المصداقية واستغلها كأدوات لترسيخ حكمه على مدى ٥٤ عاماً.
وفي هذا الإطار، نرحب بإشارة تقريركم إلى الإجراءات التي اتخذناها في سبيل المساءلة، بما يتوافق مع التزاماتنا الدولية كدولة ذات سيادة، وتعكس هذه الجهود عزمنا على بناء مؤسسات قائمة على العدالة وسيادة القانون، بعد أن ورثناها في حالة انهيار وفساد من النظام البائد.
كما نرحب باستمرار التعاون خلال الأشهر الماضية بين لجنتكم و”اللجنة الوطنية المستقلة”، والذي أتاح لمؤسستنا الوطنية الاستفادة من الخبرة الدولية في مهمتها الصعبة وتزويدكم بالتفسيرات السياقية الضرورية.
ويعكس هذا التعاون روح الشراكة التي تسعى سوريا الجديدة إلى ترسيخها، مع الحفاظ على استقلالية المؤسستين، وهو مبدأ ذو أهمية قصوى بالنسبة للدولة السورية.
ونثمن تأكيد تقريركم على حجم المعلومات المضللة التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال هجمات آذار، والتي أعاقت بشكل كبير قدرتنا وقدرة المجتمع الدولي على تحديد الجرائم الفعلية والتعامل معها بالشكل المناسب، وإن اعترافكم بهذه التحديات خطوة مهمة لضمان أن تكون الاستجابات المستقبلية مبنية على وقائع موثقة لا على روايات مختلقة.
كما نثمن اعتراف التقرير بالإجراءات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة على أعلى المستويات، وكذلك المبادرات التي قام بها بعض عناصر قواتنا لوقف الانتهاكات واستعادة الهدوء، وتعكس هذه الجهود التزام الحكومة السورية ومسؤوليتها في حماية جميع المواطنين وصون سلامتهم.
ونرحب باستنتاجكم أنه لا يوجد أي دليل على وجود سياسة أو توجيه حكومي بارتكاب هذه الجرائم، بل على العكس، أشرتم إلى صدور أوامر واضحة لمنع الانتهاكات واستعادة الانضباط، وهذا الاستنتاج يتناقض بشكل صارخ مع النتائج المتسرعة لبعض منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام، والتي قوضت التحقيقات وأسهمت في نشر معلومات مضللة، سواء عن قصد أو بدون قصد.
كما نقدر تناول تقريركم لنتائجه في الإطار الأوسع للتحديات التي تواجه سوريا اليوم:
إرث الفظائع الجماعية التي ارتكبها النظام البائد، وانهيار النظام القضائي الذي ورثناه، والهجمات التي نفذتها فلول قوات الأسد متضمنة انتهاكات جسيمة، والصعوبات البالغة في إصلاح القطاعين الأمني والعسكري، وإن إدراج هذه العناصر يوضح نهجاً متوازناً ومسؤولاً، فضلاً عن تسلسل منطقي للأحداث.
وقد أخذنا علماً بتوصياتكم التفصيلية، ونثق بأنها إلى جانب توصيات “اللجنة الوطنية المستقلة”، ستشكل خارطة طريق لمواصلة تقدم سوريا ضمن إمكانياتنا، ورغم التحديات الداخلية والخارجية على حد سواء، وكما أشرتم، فهي تدعو إلى توسيع الجهود الجارية وبدء إجراءات إضافية لترسيخ العدالة وضمان المساءلة ومنع تكرار الانتهاكات.
كما لاحظنا باهتمام أن توصيتكم الأولى للمجتمع الدولي هي دعم حكومتنا في تنفيذ ما تبقى من التوصيات ورفع ما تبقى من العقوبات.
وفي الختام، نؤكد مجدداً التزامنا بالتعاون البنّاء مع مكتبكم ومع المجتمع الدولي الأوسع، ونحن واثقون من أن تعاوننا المستقبلي سيبقى قائماً على الاحترام المتبادل لسيادة سوريا ووحدة أراضيها.
رحم الله شهداء هذه الأحداث، وألهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان، ومنحنا جميعاً العزيمة في السعي نحو العدالة.