ناظم عيد – رئيس التحرير:
أصبحت سوريا على مشارف الخروج من دوامة مزمنة .. اسمها العقوبات الأمريكية، بإعلان الرئيس الأمريكي أنه “سيأمر برفع العقوبات عن سوريا”… وبالتأكيد سيلي ذلك إجراء أوروبي مماثل، ولعل الأوروبيين كانوا ينتظرون هذه اللحظة، وبدا ذلك واضحاً من متوالية تصريحات مشفوعة بإجراءات جزئية ولو “خجولة” .. لكنها بكل الأحوال تعبّر عن نيّات لا ندّعي أنها من منطلق الحرص المطلق على المصلحة السورية، بل لدوافع براغماتية وحجز حصص مسبقة من الفرص الدسمة للاستثمار و امتيازاته في سوريا..لكن لا بأس فالمهم الحصيلة العملية في زمن لا مكان فيه للمجاملات وتبادل دفعات مجرد حسن النيّة.. كما نتوقع ونتفاءل بانفتاح مالي واستثماري عربي سخي، بما أن الأبواب قد أشرعت.
لا علينا فما يهمنا في هذا البلد الذي أنهكته العقوبات “المتحالفة” عبر سنوات طوال مع متوالية ارتكاسات في إدارة الموارد..ما يهمنا أن نبدأ رحلة تعافٍ واسعة الطيف في الضوء و الشفافية بعيداً عن المسالك المظلمة مع الآخر التي مررت نحونا الويلات قبل العطاءات، إن صحّت تسمية عطاءات، أي نحن على أبواب مصافحة دافئة و معلنة مع العالم، من دون دفع علاوات في الظل.
وقد يكون علينا اليوم، الحكومة أولاً، أن نجيد ترتيب أنفسنا تماماً لإدارة تفاصيل الأفق الجديد المقبل، بعد أن مللنا الاصطدام بشماعة العقوبات، التي طالما كانت فرصة و ذريعة لكل هواة التنصّل من المسؤوليات والهروب من الاستحقاقات واستثمار الظرف الاستثنائي “لتعظيم” الامتيازات الخاصة و حصاد العائدات من نوافذ الفساد المعلن و المبرر بحجج من قبيل “الغاية تبرر الوسيلة”.
نعم سوريا بلا عقوبات .. وبالتالي بلا ذرائع ولا ترهّل ولا استرخاء بغيض في زمن الشدّ العصبي، جميع السوريين اليوم أمام مسؤوليات على طريقة “لكل مقام مقال”.
هنا نفترض موضوعيّاً .. أن تنعقد ورشات الإنجاز الحقيقي، لا التنظير، لمواءمة التشريعات المتقادمة والمهتلكة و”القرقوشية” مع بيئة الأعمال التي يعد بها الأفق الجديد.. فنحن بحاجة ماسّة إلى قوانين مرنة تسمح بطمأنة الرساميل السورية قبل الخارجية واستقطابها للعمل والاستثمار..
نكرر..الاستثمار الذي يبدو قشّة النجاة لاقتصادنا المنهار.
فرفع العقوبات سيعيد سوريا إلى منظومة السويفت العالمية، التي كان إقصاؤنا عنها أكبر عائق للتواصل المالي..وتالياً الاستثماري مع العالم، وهذه فرصة تحتاج إلى الكثير من الجهود والمكملات لإنضاجها بشكل واضح على الأرض.
لنلتفت جميعاً إلى ترتيب البيت الداخلي السوري..فالزمن زمن بناء وإعمار و استدراك “أطنان” من الفرص الضائعة..زمن النظر نحو المستقبل والشغف بما يكتنزه من خير لهذه البلاد..والإقلاع عن التعثّر بهنات الماضي، فلا وقت لدى أي سوري حقيقي ليضيعه فيما لا ينفع هذه البلاد الطيبة.