الحرية – دينا الحمد:
من الرياض إلى موسكو، ومن باريس إلى أنقرة والدوحة وسواها من العواصم، لم تهدأ الدبلوماسية السورية يوماً واحداً. بدءاً من الرئاسة إلى وزارة الخارجية مروراً بالفريق الاقتصادي، كان الجميع يعملون كخلية نحل على مختلف الصعد: السياسية والاقتصادية والأمنية، يحاورون العالم في أروقة القاعات والمؤتمرات، سعياً لرفع الحصار عن سوريا وفتح الآفاق أمام إعادة الإعمار.
وعلى هذا الطريق، يشارك الرئيس أحمد الشرع في قمة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «كوب 30»، المقرر انعقادها في مدينة بليم البرازيلية، من السادس وحتى الحادي والعشرين من تشرين الثاني الجاري، بمشاركة نحو ستين من قادة العالم.
ستتمحور نقاشات القادة حول سبل الحد من الاحتباس الحراري، وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، ودعم المجتمعات المتضررة من آثار التغير المناخي. ويُعد هذا المؤتمر من أكبر المنتديات العالمية من حيث عدد المشاركين من الخبراء والإعلاميين، ويشكل محطة مفصلية للتوصل إلى اتفاقيات بيئية جديدة.
تنظم الأمم المتحدة هذه القمة بموجب الاتفاقية الإطارية بشأن تغيّر المناخ، وهي المعاهدة الدولية التي أُنشئت عام 1992 وتشارك فيها 198 دولة. وستُعقد القمة على مقربة من مدخل غابات الأمازون المطيرة، ما يمنحها أهمية استثنائية، فالأمازون، بوصفها «رئة الأرض»، تُعد موطناً لتنوع بيولوجي فريد، وأحد أهم مخازن الكربون على الكوكب، إذ تمتص مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون سنوياً. ويحذر العلماء من اقتراب هذه الغابات من نقطة تحول قد تبدأ عندها بإطلاق الكربون بدلاً من امتصاصه.
من على مدخل الأمازون، تتفاءل البشرية بغدٍ بيئي أفضل، ويتفاءل السوريون مع شعوب العالم بمستقبل أكثر خضرة، عبر مشاركة بلادهم في هذا التجمع الدولي. إنها إشارة إلى الدور السوري الجديد في الخريطة المناخية العالمية، ودلالة على أهمية الحضور السوري في إعادة ربط سوريا بالعالم بعد سنوات من الحصار والعزلة التي فرضها النظام البائد.
ولا شك في أن سنوات الحرب الظالمة التي شنّها النظام السابق ضد شعبنا، وما رافقها من تدمير للشجر والحجر وحرق للغابات، قد ألحقت أضراراً جسيمة بالبيئة السورية. وتُعد قمة المناخ فرصة كبيرة لسوريا لتحقيق شراكة خضراء مع العالم، ونجاحاً جديداً للدبلوماسية السورية، فنهضتنا البيئية تحتاج إلى نظام مناخي دولي عادل، وهو ما تسعى قمة البرازيل إلى ترسيخه، عبر مناقشة مطالب سوريا في عدالة التمويل المناخي، ودور دول الجنوب العالمي في تحقيق ذلك.
أخيراً، من قلب الأمازون، ستستفيد سوريا من تجارب العالم في النهضة البيئية، ومشاريع الطاقة المتجددة، وإعادة تشجير الغابات، لترسم مستقبلها الأخضر بيد أبنائها، وبالتعاون مع دول العالم.