سوريا في قمة المناخ العالمية: فرصة لإعادة التموضع في الساحة الدولية

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية : سناء عبد الرحمن:

يشارك الرئيس أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني في قمة المناخ “COP30” التي تعقد في مدينة بيليم البرازيلية اليوم وغداً، في خطوة تاريخية ومهمة على الصعيدين الدولي والمحلي، وتمثل نقطة تحول في سياسة سوريا الخارجية. فهي فرصة حقيقية للمشاركة في النقاشات العالمية حول التغير المناخي.

المحلل السياسي نزار فجر بعريني أكد لصحيفة “الحرية” أن  هذه المشاركة  تمثل أول حضور رسمي لرئيس سوري في مثل هذا الحدث العالمي منذ تأسيس المؤتمر عام 1995،وتأتي في سياق حساس يعكس التحديات السياسية والاقتصادية التي تمر بها سوريا.

تعد هذه الزيارة فرصة استراتيجية لدمج سوريا في حوار عالمي حاسم حول قضايا المناخ، بما في ذلك مكافحة الاحترار العالمي، وخطط التحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، وتنفيذ الالتزامات المالية التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر الأطراف “COP29”. وبحضور نخبة من القادة السياسيين والعلماء والمنظمات غير الحكومية، يمكن لسوريا أن تسهم في بناء سياسات مناخية شاملة، تُسهم في الحفاظ على البيئة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

تعزيز السياسة الخارجية السورية

ويرى بعريني أن المشاركة السورية في قمة المناخ “COP30” تكتسب أهمية كبيرة في سياق السياسة الخارجية السورية، حيث تمثل خطوة أخرى في سلسلة من التحركات الدبلوماسية التي تهدف إلى إعادة تموضع سوريا في الساحة الدولية بعد سنوات من العزلة. هذه المشاركة تعكس الجهود المبذولة لتقوية العلاقات الخارجية بما يتماشى مع مصلحة الدولة السورية في تحقيق الاستقرار السياسي والأمني، فضلاً عن النهوض بالاقتصاد الوطني.

وأكمل بعريني: منذ تولي الرئيس السوري أحمد الشرع المسؤولية في يناير 2024، بدأ يظهر واضحاً التركيز على تعزيز العلاقات الإقليمية والدولية، وهو ما يتجسد في زيارة الرئيس إلى المملكة العربية السعودية في فبراير الماضي.

قمة المناخ “COP30” تُعد استمراراً لهذه الجهود، حيث تسعى سوريا إلى تأكيد حضورها الفاعل في الساحة الدولية من خلال المشاركة في القضايا العالمية الهامة، وعلى رأسها قضية التغير المناخي.

رسالة سوريا للعالم

لا تقتصر أهمية زيارة الرئيس السوري إلى قمة المناخ على الدلالة السياسية فقط، بل تحمل أيضاً رسالة دبلوماسية قوية إلى المجتمع الدولي مفادها أن سوريا قد تخطت مرحلة العزلة الطويلة التي فرضتها سياسات النظام السابق، عبر هذه المشاركة، تسعى سوريا إلى إثبات أنها ليست فقط على استعداد لإعادة بناء علاقاتها مع العالم، بل أيضاً للمساهمة بفعالية في معالجة التحديات العالمية الكبرى مثل التغير المناخي.

ويرى أن حضور الرئيس السوري في قمة المناخ يُعد بمثابة إعلان عن الرغبة في تجاوز تداعيات الصراعات السابقة والانخراط في جهود منسقة مع المجتمع الدولي لمواجهة أكبر التحديات البيئية التي تهدد كوكب الأرض.

الفرص البيئية والاقتصادية

على المستوى الداخلي، فإن سوريا التي تعاني من آثار الحرب الطويلة، تواجه تحديات بيئية خطيرة مثل الجفاف ونقص البنية التحتية البيئية. تأتي قمة المناخ كفرصة مهمة للمساهمة في إيجاد حلول لهذه التحديات من خلال الحوار حول السياسات البيئية والتمويل المناخي. تعد المشاركة السورية في القمة فرصة لطرح احتياجاتها المتعلقة بالتمويل لدعم مشاريع التنمية المستدامة التي تركز على الطاقة المتجددة والابتكار في مجالات الزراعة والنقل.

ويشير بعريني الى أن تمويل المشاريع المناخية يُعتبر من العوامل الرئيسية التي قد تساعد سوريا في تحقيق تحول جذري نحو اقتصاد أكثر استدامة وصداقة للبيئة. يمكن أن تسهم قمة “COP30” في فتح قنوات تمويل جديدة لدعم برامج سوريا البيئية، فضلاً عن تعزيز سياسات مناخية شاملة تتماشى مع الأهداف العالمية للمناخ.

استثمارات التمويل المناخي

كما يتوقع أن تسهم القمة في زيادة دعم البلدان النامية مثل سوريا في مجالات التكيف مع تغير المناخ، وخاصة في القطاعات التي تواجه تحديات بيئية حادة مثل الطاقة والزراعة. ويُتوقع أن تصل ميزانية تمويل المناخ إلى نحو 2.4 تريليون دولار أمريكي سنوياً بحلول عام 2030، وهو ما يعادل أربعة أضعاف ما يتم استثماره حالياً في هذا المجال. يشمل هذا التمويل دعم الحلول منخفضة الكربون التي تساعد في التكيف مع تغير المناخ، ويُفترض أن تكون سوريا من بين المستفيدين الرئيسيين من هذه السياسات المالية الجديدة .

ختاماً..تمثل مشاركة سوريا في قمة المناخ “COP30” خطوة هامة نحو إعادة التموضع في الساحة الدولية، وتعكس رغبتها في التعامل مع القضايا البيئية والاقتصادية بشكل يتماشى مع احتياجاتها التنموية

هذه الزيارة لا تعد فقط مناسبة للتفاعل مع قضايا المناخ، بل هي خطوة استراتيجية لتطوير العلاقات الدولية وتعزيز الاستقرار الداخلي، وبالرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها سوريا، تبقى هذه المشاركة بمثابة فرصة لتأكيد استعدادها للانخراط في حلول عالمية من شأنها أن تسهم في دعم نهضتها البيئية والاقتصادية في المستقبل.

Leave a Comment
آخر الأخبار