سوريا في مؤتمر سيبوس 2025… دخول في مسارات التعاون الدولي ومنصات جديدة للحوار

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – رشا عيسى:

تشارك سوريا للمرة الأولى في تاريخها بمؤتمر سيبوس ( Sibos 2025) المالي المنعقد في فرانكفورت بألمانيا بدعوة من منظمة سويفت العالمية، ما يمثل  منصة مهمة للحوار مع قادة المصارف والمؤسسات المالية وشركات التكنولوجيا المالية من مختلف أنحاء العالم.

حضور في النظام المالي العالمي

وحول الأهمية الاستراتيجية والتحديات والاستفادة المثلى من المشاركة، بيّن الخبير في الشأن الاقتصادي الدكتور محمود أحمد العرق ل«الحرية» أن حضور سوريا إلى النظام المالي العالمي من خلال «سويفت» يُعد استعادة لقدرة البنوك السورية على التحويلات الدولية الشرعية، والدخول في المعاملات المصرفية والتجارية العالمية بصورة رسمية، وتقليل التكاليف، وتخفيف العقوبات أو عوائق التحويلات، وزيادة الثقة في الجانب المالي السوري.

ووجد العرق أن المشاركة فرصة تاريخية، أو على الأقل مهمة جداً، خصوصاً بعد سنوات من العزلة المالية والمعنوية، إذ تستعيد سوريا النفَس في النظام المالي العالمي وتدخل مسارات التعاون، وهذا من شأنه أن يكون نقطة تحوّل في علاقتها الاقتصادية مع الخارج.

لكن من المهم ألا تُعامل المشاركة مجرد «تكتيك رمزي» فقط، بل يجب أن تكون جزءاً من استراتيجية أوسع، من إصلاح مصرفي، شفافية، قانونية، جذب استثمارات، تحسين البنية التحتية المالية والتزام بمعايير دولية وفقاً للعرق.

انخراط مالي جديد

وقدم العرق شرحاً مفصلاً حول مجمل الجوانب الرئيسية لأهمية وجود سوريا في هذا الحدث العالمي ومنها :

1. إظهار الالتزام وإعادة بناء الثقة الدولية، حيث تعطي المشاركة إشارات سياسية واقتصادية بأن سوريا تريد الانخراط مجدداً في النظام المالي الدولي، وتلتزم بمعايير الشفافية والحوكمة التي غالباً ما تكون من شروط الدخول إلى هذه الشبكات المالية.

2. الفرصة للتفاوض وشبكات العلاقات، لأنه في مؤتمرات مثل هذه، عادة ما يحضر ممثلون من بنوك دولية، مؤسسات تمويل دولية، شركات خدمات مالية، مطورو أنظمة التحويلات، خبراء الامتثال ومراقبة غسل الأموال، من هنا فمشاركة سوريا بالتمثيل المناسب يمكنها أن تقيم علاقات مع هذه الأطراف، تأخذ خبرات، تفاهمات، وربما اتفاقيات ثنائية أو شراكات تقنية.

3. فهم المتطلبات الفنية والتنظيمية لأنه حتى بعد رفع العقوبات جزئياً أو استئناف الدخول لنظام سويفت، توجد متطلبات تقنية (بما في ذلك البنية التحتية المصرفية، الأمان، الاتصال، الأكواد البنكية (SWIFT codes.) الامتثال للقوانين الدولية، مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب). فالمؤتمر فرصة لفهم ما هو مطلوب لتطبيق ناجح، ما هي العقبات، ما هي المستلزمات وكيفية تجاوزها بنجاح.

4. فتح أفق للاستثمار والتجارة، حيث أنه مع تفعيل «سويفت» تصبح الحوالات التجارية، تحويلات المستثمرين، تحويلات المغتربين إلى سوريا، أسهل وأقل تكلفة. وهذا يشجع الاستثمارات الأجنبية، التصدير والاستيراد، الشحن التجاري، الشركات التي كانت تتجنب العمل مع سوريا بسبب العوائق المالية.. لذلك فالمشاركة في مؤتمر «سويفت» يمكن أن تجلب شركاء محتملين يستفسرون عن فرص الاستثمار، التعاون التقني، البنوك المراسلة، إلخ.

5. التخفيف من الاعتماد على القنوات غير الرسمية، وتتم حالياً بعض العمليات المالية عبر وسطاء غير رسميين أو عبر طرق تحويل مكلفة وغير آمنة وغير شفافة، من هنا فالدخول الكامل في نظام «SWIFT» يعني تقليل هذه الممارسات، وتحسين حماية المستثمر والمودع، وتحسين السيولة المالية الرسمية.

تحديات

وعن التحديات التي يجب التعامل معها لتكون المشاركة فعالة، بيّن العرق أن سوريا تحتاج أن تلتفت إلى مجموعة من التحديات، أبرزها العقوبات الدولية بمعنى أنه حتى لو تم رفع بعضها، قد تكون هناك بنود أو شروط لا تزال تعيق التعامل المالي الدولي، وبعض البنوك الأجنبية قد تظل متخوفة من التعامل مع سوريا بسبب المخاطر القانونية أو السياسية.
وأيضاً الامتثال والمعايير الدولية كمكافحة غسل الأموال، وشفافية السيولة، والامتثال الضريبي، والقوانين المالية الدولية، وغيرها. فإذا لم توفّر سوريا هذه الضمانات بطريقة واضحة، فإن البنوك والمؤسسات الدولية قد ترفض أو تؤخر التعامل معها.
كما أن البنية التحتية المصرفية والتقنية قد يلزمها تحديث البنوك، الأنظمة المحوسبة، الاتصال مع الشبكة الدولية، تجهيز الأكواد المطلوبة، التدريب، الأمان السيبراني، مع ضرورة أن يكون هناك استقرار قانوني، وضمانات لحقوق المستثمر، حماية المال من الاستغلال، وضمان أن أي تحويلات أو تعاملات دولية لا تُستخدم لأغراض مشبوهة (مثل تمويل أنشطة محظورة).

نتائج ملموسة

وقدم العرق مقترحات للاستفادة من وجود سوريا في المؤتمر عملياً ولتحويل المشاركة إلى نتائج ملموسة، من بينها إرسال وفد من الخبراء الماليين، المصرفيين، الفنيين، والمتخصصين في الامتثال، مع حضور مسؤول حكومي يملك صلاحية للتوقيع على تفاهمات أو الاتفاقيات، وتحضير وثائق واضحة وعروض شفافة تبيِّن ما قامت به الحكومة من إصلاحات، وما هي السياسات الحالية المتعلقة بالعقوبات، المعايير المتبعة لمكافحة غسل الأموال، تعريف البنوك المصرّح لها وكيفية الاستخدام، وتقديم دراسات جدوى لمشاريع إعادة الإعمار، البنية التحتية، المرافق، القطاع المصرفي، قطاع النقل والتجارة، الخدمات اللوجستية؛ عرض كيف أن الدخول إلى «سويفت» يسهل استيراداً وتصديراً، وتحسين بيئة العمل والاستثمار.
و طلب شراكات فنية والتعاون مع شركات «SWIFT» أو خبراء خارجيين لتوفير التدريب، تحسين الأنظمة، مراجعة الأمان السيبراني، المراقبة المالية، البنوك المراسلة، ومتابعة ما بعد المؤتمر، حيث ليس المهم فقط المشاركة، بل المتابعة – التفاوض، توقيع مذكرات تفاهم، التنفيذ الفعلي، تحديث القوانين، تحسين الممارسات، مراقبة الأداء، ضمان أن ما يُتفق عليه يُنفَّذ.

وتعد «سويفت» شبكة الرسائل المالية العالمية التي تربط البنوك والمؤسسات المالية حول العالم، وتستخدم لنقل أوامر الدفع والتعليمات المالية بين البنوك بصورة آمنة وسريعة.

 

Leave a Comment
آخر الأخبار