الحرية- آلاء هشام عقدة:
تشكل مشاركة سوريا ممثلةً بفخامة الرئيس أحمد الشرع في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (COP30) بالبرازيل منعطفاً مهماً وحدثاً غير عادي في مسيرة الدبلوماسية السورية، فهذه المشاركة ليست مجرد حضور شكلي أو بروتوكولي بل هي تجسيد لمرحلة فك عزلة سوريا عن العالم التي فرضت عليها لحوالي عقد ونصف العقد من الزمن.
أستاذ العلاقات الدولية في كلية الاقتصاد بجامعة اللاذقية الدكتور ذو الفقار عبود أوضح للحرية أن النشاط الدبلوماسي السوري المكثف يندرج في إطار إعادة إحياء دور سوريا الفاعل على مستوى العالم للانتقال الى مرحلة تجاوز عقبات الحرب والانطلاق نحو مرحلة إعادة الإعمار والبيئة وإعادة بناء علاقات سوريا الدولية، وكذلك تأكيد تعافي سوريا وتجاوزها لعقدة آثار الحرب وبالتالي قدرة القيادة الجديدة على تمكين مؤسسات الدولة في الانخراط الفاعل في مختلف المحافل والاستحقاقات الدولية بأبعادها البيئية والاقتصادية والثقافية والسياسية.
الانتقال نحو بيئة مستدامة
وأشار ذو الفقار إلى أن اختيار مؤتمر المناخ العالمي (كوب 30) كاستحقاق للعودة السورية القوية دولياً هو تأكيد على قدرة سوريا على النهوض وتخطي مرحلة الصراع والانتقال نحو طي مرحلة الحرب والانتقال نحو بيئة مستدامة، فالقمة القادمة التي ستنعقد في الفترة من 6 إلى 21 تشرين الثاني الجاري في مدينة بيليم الأمازونية، سيحضرها عدد كبير من قادة الدول، وتعني “كوب” (COP) مؤتمر الأطراف، أي قمة المناخ السنوية التي تعقدها الأمم المتحدة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وهي المعاهدة الدولية التي أنشئت عام 1992.
وأضاف الدكتور ذو الفقار: تشارك حالياً 198 دولة في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ما يجعلها واحدة من كبرى الهيئات المتعددة الأطراف في منظومة عمل الأمم المتحدة.
وتجتمع هذه الدول في مؤتمرات الأطراف السنوية للتفاوض حول كيفية الحد من الاحتباس الحراري، وخفض انبعاثات غازات الدفيئة، ودعم المجتمعات المتضررة بالفعل من آثار المناخ.
وإلى جانب قادة العالم، يحضر المؤتمر أيضاً مفاوضون حكوميون، وعلماء، وقادة من السكان الأصليين، ونشطاء شباب، وصحفيون، وجماعات ضغط، ومنظمات بيئية. وهو من أكبر المنتديات، إن لم يكن الوحيد الذي تجتمع فيه أصغر الدول الجزرية وأكبر اقتصادات العالم على طاولة واحدة للتوصل إلى اتفاقيات.
الجفاف يؤدي لارتفاع أسعار الغذاء
ويعد تغير المناخ هاجسًا عالمياً، ففوضى الطقس المتطرف لا تتوقف عند الحدود، فالجفاف في منطقة واحدة قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء العالمية. ويهدد ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا مثلاً مجتمعات تبعد عنه آلاف الكيلومترات. وتؤدي موجات الحر في جنوب آسيا بحياة أشخاص لم يكن لهم دور يُذكر في التسبب في الأزمة.
الأمازون موطن للتنوع البيولوجي
ويكتسي انعقاد مؤتمر الأطراف لهذا العام 2025 في بيليم بالبرازيل، عند مدخل غابات الأمازون المطيرة، أهمية بالغة، فالأمازون لكونها “رئة الأرض” تعد موطنا لتنوع بيولوجي استثنائي، ولملايين البشر، بمن فيهم العديد من مجتمعات السكان الأصليين.
وتعد الغابات المطيرة أحد أهم مخازن الكربون على كوكب الأرض، إذ تمتص مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون سنوياً. ويحذر العلماء من أن غابات الأمازون تقترب من نقطة تحول، حيث قد تبدأ في إطلاق كميات من الكربون تفوق ما يخزنه.
كما سيُعقد مؤتمر الأطراف الـ30 أيضًا بعد مرور 10 سنوات على التوصل إلى اتفاق باريس، ونحو 3 عقود من قمة الأرض التي نظمتها الأمم المتحدة في ريو دي جانيرو بالبرازيل من أجل البيئة والتقدم، ما يجعل “كوب 30” لحظة تقييمية وعملية حاسمة للعمل المناخي الدولي.
ومن المتوقع أن تُقدم الحكومات تعهدات مناخية أقوى تتوافق مع حد 1.5 درجة مئوية، وهو الحد الخطير الذي يُحذر العلماء من تجاوزه، فهذا المؤتمر يوجب على القادة فيه مواجهة التحدي الذي وضعه اتفاق باريس، وفقاً للخبراء.
ونوه ذو الفقار بأن مؤتمر الأطراف الـ30 هو الوقت المناسب للحكومات لإظهار الشجاعة بدلًا من الفشل في وجه المخاطر الكبيرة التي يسببها التغير المناخي، وهو يمثل فرصة للانتقال من التفاوض والوعود إلى التنفيذ.