سوريا.. معكم أين ما كنتم 

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- يسرى المصري:

الكلام والحزن والألم لا يكفي ..نريد أن نقدم جزءاً من رواتبنا وأجورنا لأهلنا في اللاذقية.. والكثيرون يريدون أن يقدموا ولو بقدر شيء يسير لمن تضرروا ونزحوا قسرياً ..ولطالما كنا نتمنى أن نمد أيدينا الى أهلنا في إدلب فيما مضى وندفع عنهم الأذى لكن أيدينا كانت قصيرة ورؤوسنا كانت مقطوعة ..وفي كل يوم نتطلع الى أهلنا في غزة يفتك بهم الجوع والمرض والحصار القتل ونذرف الكثير من الدموع .. لكننا لا نملك إلا الدعاء إلى من لا تضيع عنده الودائع .. هذه المرة نستطيع أن نساعد أن نمد أيدينا وأن تتطاول رؤوسنا أن ننفق ولو بقدر ونكون على قدر مسؤوليتنا تجاه سوريا الجديدة .
بالأمس بدأت القوافل تتجه نحو اللاذقية من كل المحافظات ومبادرة محافظة إدلب كانت بالمقدمة مبادرات شبابية ومنظمات تقودها نساء من مختلف التخصصات والخلفيات، اجتمعت على هدف واحد بأن نكون إلى جانب أهلنا وقت الحاجة في أي مكان، نحمي ما تبقى من أرضنا وكرامتنا، ونقود جهود استعادة الحياة.
الحملات من كل المحافظات تتوالى تهدف إلى تقديم الدعم المادي والعيني للعائلات المتضررة، وإرسال صهاريج مياه للمناطق التي تعاني من العطش، وتوفير المحروقات للآليات العاملة في الإطفاء والإغاثة، وتخصيص أماكن ﻻستقبال العائلات المتضررة وتأمين سكن مؤقت لهم، وإرسال فرق إسعاف نفسي أولي للنساء والأطفال.
يقول مراسلونا من المحافظات المختلفة .. مزارعون، مواطنون، ومدرّسون، أخذوا معهم جراراتهم الزراعية وصهاريج المياه، وتوجهوا دون أي توجيه من أحد، مدفوعين فقط بضميرهم الحي وانتمائهم الصادق لهذه الأرض.
هي نخوتهم التي قادتهم، وهو حبهم الكبير لسوريا الذي يدفعهم لأن يكونوا حيث تحتاجهم البلد.
سوريا الجديدة ليست فقط هوية بصرية فالعقاب الذي يحتضن البلاد بجناحيه يستمد نبض قلبه من إنقاذ الحياة أين ما كنتم.. والدروس المستفادة من الأزمة كثيرة ..سنخمد حرائق اللاذقية ونعيد إعمار ما تهدم في كل مكان وسنئد الفتن ما ظهر منها وما بطن ..
والإدارة السورية بكامل الحكومة استنفرت لدعم القرى المتضررة من حرائق الغابات عبر  تدخلات عاجلة ومستدامة تضمنت الاستجابة العاجلة (الإغاثة) واليوم تسعى لإيواء الطوارئ وتوفير مراكز إيواء مؤقتة (مدارس، صالات رياضية) مع مستلزمات النوم والطعام.
ونلفت إلى أن أهلنا باتوا بأشد الحاجة للدعم الطبي وإنشاء عيادات متنقلة لعلاج الحروق ومشاكل التنفس والصدمات النفسية.
أضف الى قائمة طويلة من المهام التي تنوء بها الدول الغنية المتقدمة فكيف بنا ونحن نلملم جراحنا ونداوي أحزاننا ونؤمن قوت يومنا بتأمين المستلزمات لابد من دعم دولي وعربي فليس الموصوع يقف عند  توزيع المواد الأساسية .. مياه نظيفة، أغذية، ملابس، أدوية وأدوات نظافة شخصية.

لكن التحدي .. إعادة الإعمار (المتوسط المدى)
وإصلاح البنية التحتية وإعادة بناء الطرق المتضررة، شبكات الكهرباء والمياه.
وبخطوات لاحقة.. دعم السكن  تقديم منح أو قروض ميسرة لإعادة بناء المنازل، أو توفير وحدات سكنية مؤقتة.
ودعم سبل العيش وتعويض المزارعين عن خسائر المحاصيل والمواشي، وتوفير بذور وأعلاف مجانية.

ولا ننسى في هذا الخضم ما يترتب على البلاد  من أجل التعافي طويل الأمد ..كإعادة التشجير: برامج لزراعة أشجار محلية مقاومة للحريق بمساعدة المتطوعين والخبراء.
ومن ثم الوقاية المستقبلية عبر  إنشاء أحزمة خالية من الأشجار حول القرى (مصدات نارية). وتركيب أنظمة إنذار مبكر وأبراج مراقبة. وتدريب فرق محلية على مكافحة الحرائق.
وأضف إلى التأهيل النفسي والاجتماعي .. جلسات دعم نفسي جماعية وفردية للناجين، خاصة الأطفال وكبار السن.
قد تكون الخطة الجديدة لوزارة الطوارئ تتضمن تمويلاً حكومياً .. صندوق طوارئ وطني للكوارث، وإعفاءات ضريبية للمتضررين.
و التضامن المجتمعي .. حملات تبرعات محلية ودولية، وتنسيق جهود المتطوعين.
– دعماً تقنياً..  استخدام تقنيات مثل الطائرات المسيرة لاكتشاف بؤر الحرائق مبكراً.
ونكتب من أول السطر لابد من الوقاية الاستباقية
والتوعية.. ورش عمل عن إدارة النفايات (تجنب حرقها)، وخطورة إلقاء أعقاب السجائر.
والتشريعات .. فرض عقوبات على مسببي الحرائق، ومراجعة قوانين البناء في المناطق المعرضة للخطر.
ان تجاوز الأزمات والنجاح يتطلب تنسيقاً بين الحكومة، المنظمات المحلية والدولية، والمجتمع نفسه. الدعم النفسي وإعادة بناء سبل العيش لا تقل أهمية عن إعادة البناء المادي، مع ضرورة استثمار طويل الأمد في أنظمة الوقاية لتجنب تكرار الكارثة.
يقول الله تعالى: “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ”.

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار