سوق دمشق للأوراق المالية.. بوابة جديدة نحو انتعاش الاقتصاد واستثمار المستقبل

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – أمين الدريوسي:

شهدت سوريا أمس حدثاً اقتصادياً مهماً عندما أعلن وزير المالية محمد يسر برنية إعادة افتتاح ‏سوق دمشق للأوراق المالية، ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها مؤشر على بدء مرحلة جديدة من ‏التعافي الاقتصادي، ومؤشر على إشراقة جديدة في عالم الاقتصاد الوطني، كما أنها تعكس ‏تحولاً إيجابياً بعد فترة طويلة من التوقف والتحديات الاقتصادية. ‏

لقد شهدت سوريا فترة من الركود في الأسواق المالية نتيجة لتحولات اقتصادية وسياسية ‏متلاحقة، وفي ظل السعي لإعادة ثقة المستثمرين وتنشيط النشاط الاقتصادي، تم استئناف عمل ‏سوق دمشق للأوراق المالية. وتأتي هذه العودة لتشكل علامة فارقة في جهود الإصلاح المالي ‏والاقتصادي، إذ تُعد القاعدة الأساسية التي يستند إليها دعم المشروعات التنموية وجذب رؤوس ‏الأموال المحلية والدولية.‏

ومن أبرز الجوانب المتعلقة بأهمية عودة السوق المالية:
أولاً- تعتبر محركاً للنمو الاقتصادي: فالسوق منصة رئيسية لتمويل الشركات والمشروعات ‏الكبرى، ويسهم في ضخ الاستثمارات في قطاعات عدة مثل البنية التحتية والصناعة والخدمات، ‏وإن تعزيز نشاط السوق يعكس تحسناً في المناخ الاستثماري وإظهار قدرة الاقتصاد السوري ‏على مواجهة التحديات المتجددة.‏

ثانياً- تعزيز الشفافية والحوكمة: ومع إعادة التشغيل تأتي الفرصة لإرساء نظام مالي أكثر شفافية ‏من خلال تطبيق معايير الإفصاح المالي والحوكمة الرشيدة، وهذا يسهم في استقطاب ‏المستثمرين الذين يبحثون عن بيئة استثمارية مستقرة وآمنة، ما ينعكس إيجابياً على سمعة ‏الاقتصاد الوطني في المحافل الإقليمية والعالمية.‏

ثالثاً- دعم جهود إعادة الإعمار وتنمية القطاع الخاص: إلى جانب دور السوق المالي، فأنها ‏تشكل أداة استراتيجية لإعادة تأهيل الاقتصاد الوطني، من خلال تمويل مشروعات البنية التحتية ‏وتنمية القطاع الخاص، ومن المتوقع أن يُحدث ذلك تأثيراً اقتصادياً مضاعفاً يدعم استقرار ‏الحياة المعيشية ويزيد من فرص العمل وتنويع مصادر الدخل.‏

ما التحديات والآفاق المستقبلية التي يمكن أن تواجهها؟
رغم حماس المشاركين والسعي المتواصل لتفعيل السوق، تواجه العملية بعض التحديات التي ‏تستدعي اتخاذ إجراءات تنظيمية حديثة، منها:‏
‏- أيام التداول المحدودة وحجم المعاملات: يُلاحظ أن الفترة الأولى من العودة قد تشهد تداولات ‏محدودة، ما يستدعي تعزيز آليات التشجيع على التداول والابتكار لزيادة السيولة المالية.‏
‏- ضرورة الإصلاحات التشريعية والتنظيمية: يجب تحسين الإطار القانوني لمكافحة الأنشطة ‏غير القانونية مثل غسل الأموال، وضمان سلامة المعاملات المالية عبر تطوير البنى التحتية ‏الرقمية للسوق.‏

وعلى المدى المتوسط والبعيد، يُتوقع أن يؤدي استمرار هذه الإصلاحات إلى توسع قاعدة ‏المستثمرين وتنويع الأدوات المالية، ما يرفع من فاعلية السوق كمنصة تمويل رئيسية للنمو ‏الاقتصادي الوطني.‏

إن عودة سوق الأوراق المالية في سوريا ليس مجرد إجراء فني لإعادة فتح باب التداول، بل هو ‏رسالة أمل لبداية فصل جديد من النشاط الاقتصادي والمالي، وتكمن أهميته في كونه عاملاً ‏محفزاً لاستقطاب الاستثمارات وتوفير بيئة مناسبة لتمويل المشروعات الكبرى، كما يُعزز ثقة ‏المجتمع الدولي في قدرة الاقتصاد السوري على التجدد والتطور.‏

كما أن هذه الخطوة تفتح آفاقاً واسعة لدراسة مقارنات بين أداء هذا السوق والأسواق الإقليمية ‏الأخرى، وتحليل العوامل التي ستسهم في استدامة النمو المالي، كما يُمكن من خلال هذه التجربة ‏تحديد الدروس المستفادة وصياغة سياسات اقتصادية تنموية تستجيب للتحديات وتحفز الإبداع ‏والابتكار.‏

Leave a Comment
آخر الأخبار