صموئيل دبليو فرانكلين: فك شفرة الإبداع في العصر الحديث

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – حنان علي:
يُعرّف الإبداع «لغويّاً» بأنه الإتيان بشيء لا نظير لهُ، ذو جودة فريدة وَإِتقَان، يمثل ابتكاراً ما له من مثيل، أما«اصطلاحاً» فهو عملية تحويل للأفكار الجديدة والخيالية إلى حقيقة واقعة، وتقديم إنتاجِ جديدٍ إلى الوجود.
وعبر التاريخ؛ تغيّرت سبل وعي المجتمعات بمفهوم الإبداع، كما تغيّر المصطلح نفسه… فنرى أفلاطون يسأل في «الجمهورية»: «هل نقول عن الرسام إنه يخلق شيئاً ما؟»، ليجيب بالقول: بالتأكيد لا، لأنه مجرد تقليد.. وبالنسبة لليونانيين القدماء، كان مفهوم الإبداع مكرساً لحرية العمل، والقواعد.. وقد تمّ تحدي هذه المفاهيم اليونانية جزئياً في العصر الروماني، كما «تختلف الأشياء المصنوعة والمخلوقة، فبإمكاننا أن نصنع، ما لا نقدر على خلقه» وذلك على لسان كاسيودوروس المسؤول الروماني والشخصية الأدبية في القرن السادس، أما التغيير الجوهري فأتى لاحقاً مع مصطلح «الخلق» للإشارة إلى فعل الله المتمثل في «الخلق من العدم».

* الإبداع من وجهة نظر فرانكلين: بين الرومانسية والواقع

في العصر الحالي وبوصفه إحدى القيم المميزة للمجتمع، تدعي المدارس أنها تتبنى تكوين الإبداع، وتقول الشركات إنها تستثمر فيه، بينما تعلنه المدن مصدراً لتميزها… لكن فكرة وجود الإبداع ما برحت من وجهة نظر صموئيل دبليو فرانكلين فكرة حديثة إلى حد ما. إذ دخلت حديثنا اليومي في خمسينيات القرن الماضي، مع استثمار الأمريكيين لمفردته في فترة ما بعد الحرب، لتحديد وتسخير قوة الفرد لتلبية متطلبات الرأسمالية الأمريكية والحياة في ظل الحرب الباردة على أمل إنتاج نشرات إعلانية أفضل وتقنيات جديدة. وبتشجيع من الجبابرة هؤلاء، شرع الأمريكيون في رؤية الإبداع على أنه غاية فاضلة في حد ذاته، فاشتروا الوعد بأن توسيع قدراتنا الإبداعية يمكن أن يفي بحاجاتنا الفردية، ويؤمن مستقبلنا الجماعي… جرى ذلك عبر دعم واسع من قبل مجموعة من المحترفين، علماء نفس ومهندسين وإعلاميين.

* في زمن الحرب الباردة الرأسمالية من شكلت مفهوم الابتكار

لقد تم الترويج للإبداع كقوة للفردانية والروح الإنسانية، وطموح جديد للطبقة الوسطى بما يلائم حاجات الشركات الأمريكية وروح معاداة الشعوب.
وهكذا شيئاً فشيئاً أخذت فكرة الإبداع تتنامى في جو من الرومانسية، وحين استعصى المصطلح على تعريف واضح، سمح لجميع أنواع الأشخاص والمؤسسات بالمطالبة به كحل لمشكلاتهم، بدءاً من بلادة الشركات وانتهاء بالتدهور الحضري. أما اليوم ، عندما يتم البحث عن الإبداع وتحديد مداه وتعظيمه، فيساعدنا تأريخ فرانكلين المثير على الانفتاح على المفهوم لمعرفة تعريفه الحقيقي ومن يخدم حقاً.
ما لبث كتاب (تقديس الإبداع) وصف توثيقيّ لكيفية اكتساب الإبداع للقيمة المجتمعية المعاصرة، حين يكشف فرانكلين عن البناء الاجتماعي القوي الكامن خلف المعنى الحقيقي له، والمتناقض إلى حد ما مع تقديم «الإبداع» على أنه الإكسير السحري الذي لا يوصف لزيادة الشهرة والثروة للفنانين والتقنيين وقادة الأعمال اليوم.. كما يقدم الكتاب نظرةً واضحة بشكل استثنائي عن الأفكار والعقائد والبرامج المختلفة للمفهوم من خلال التحليل الدقيق لتاريخ المصطلح الذي تعود أصوله إلى حداثة لا يمكن تخيلها.
من الجدير ذكره أن صموئيل دبليو فرانكلين؛ مؤرخٌ ثقافيّ وباحث ما بعد الدكتوراه في التصميم المتمحور حول الإنسان في جامعة «دلفت» للتكنولوجيا.. حصل على جوائز وزمالات من مركز ليملسون لدراسة الاختراع والابتكار.

Leave a Comment
آخر الأخبار