صناعة صابون زيت الزيتون مهنة تقليدية متوارثة .. ومن المشاريع الصغيرة المدرّة للدخل في قرى طرطوس

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- وداد محفوض:
تعد صناعة صابون زيت الزيتون في محافظة طرطوس، صناعة تقليدية تراثية قديمة، ومصدر عيش كريم، وطريقة كسب لا بأس بها وخاصة لمن أتقنها وعرف أصولها.
وترتبط هذه المهنة ارتباطاً وثيقاً بشجرة الزيتون المباركة، التي تتيح لزارعها استخدام كل ما ينتج منها.

مهنة متوارثة

للإضاءة أكثر على هذه المهنة العريقة التقت مراسلة “الحرية” في طرطوس المواطن معين ملحم وهو في العقد السادس من عمره، من قرية “درتي” التابعة لمنطقة الشيخ بدر محافظة طرطوس.
تحدث ملحم بداية أنه ورث مهنة صناعة الصابون البلدي عن جده ووالده، ويعمل فيها منذ أكثر من عشرين عاماً، وأضاف إنه يشتّم رائحة الأجداد المعتّقة في هذه الصناعة العريقة، التي تراجعت في فترات سابقة بسبب دخول الآلات المتطورة بخلطات مستوردة أغرت المستهلك، ونوه بأنهم كعائلة استطاعوا المحافظة على جذور هذه المهنة في منطقتنا وفي المناطق المجاورة بأدواتهم التقليدية الخالية من أي تحديث، معتمدين على الخبرة والجودة في العمل.

نواة لمشروع صغير

ويؤكد ملحم أن مهنة صناعة صابون زيت الزيتون يمكن أن تكون نواة لمشروع صغير، يؤمن فرصة عمل ودخلاً جيداً للشباب، وصولاً لتطوير المشروع وإنتاج منتجات عديدة من زيت الزيتون إضافة لزيت الغار الموجود في قرأنا الجبلية بشكل كبير، وأشار ملحم إلى أنه مؤخراً ازداد الطلب وكثرت اليد التي تعمل في هذه الحرفة تزامناً مع الوضع المعيشي الصعب.

مراحل صناعة الصابون

وعن مراحل عمل “قطع الصابون” أشار ملحم إلى أن العمل يبدأ بكيل الزيت المستخرج من مخلفات الزيتون بعد عصر حبات الزيتون، أو باستخدام زيت مضى على عصره فترة زمنية طويلة، يوضع هذا الزيت في حلّة كبيرة ويتم إشعال النار تحته، تسمى هذه الحلة “القَصَّة”، وهي عبارة عن برميل توضع فيه المكونات، ويحرّك الزيت داخلها بواسطة عصا خشبية، وبعد الغليان يتم وضع الماء حتى تشتد المكونات، ثم يضاف بالتدريج على ثلاث مراحل مادة “كوستيك الصودا” المنقوعة مسبقاً، ويمزجهم جيداً حتى يجمد المزيج بما يشبه “اللبن الرائب” كما عبر، وتبقى “القَصّة” على النار حتى يتجانس الزيت مع كوستيك الصودا، وبعدها يتم سحب المياه الراكدة تدريجياً، وفي آخر مرحلة يتم فصل الماء عن المزيج بشكل كامل ويصب في ألواح كبيرة على الأرض، ولفت إلى أنه خصص غرفة واسعة في منزله بمواصفات ملائمة من ناحية المساحة والإضاءة والتهوية.
ويترك القالب لحين جفافه وماسكه، ثم يُقطّع إلى مكعبات بأحجام معينة أو حسب الطلب، يترك عدة أيام “حسب الطقس” في الهواء الطلق للتخلص من الرطوبة وحتى يجف تماماً، ويضيف: يجب مراعاة شروط النظافة بحماية القالب من الشوائب الخارجية من غبار أو أوراق وغيرها، ثم تعبّأ المكعبات في أكياس وتصبح جاهزة للبيع والاستخدام.
وبيّن ملحم أن الفترة الزمنية التي يبقى فيها الصابون معرضاً للهواء الطلق لحين جفافه، تتسبب في تبدل لون القشرة الخارجية من الأخضر إلى الأصفر الفاتح بسبب عملية الأكسدة مع محافظة اللب الداخلي على لونه المائل للأخضر.

أسعار مناسبة

وعن سعر كيلو صابون زيت الزيتون البلدي، بيّن ملحم أن سعره مرتبط بتوافر المواد الداخلة بصناعته وتذبذب سعرها، مشيراً إلى أن 20 كيلو زيت تنتج 24 كيلو من الصابون، ويتراوح سعر الكيلو حالياً ما بين 30 إلى 40 ألف ليرة حسب جودته وقساوته.

معوقات

يشير ملحم إلى وجود معوقات في عمله، ومنها تطفل البعض على هذه الصناعة، وتسويق منتجاتهم بمواصفات “تجارية” غير جيدة ما أثر على سمعة الصابون البلدي، لأنها تباع بسعر أرخص، ما أدى إلى تذبذب أسعار الصابون البلدي الأصلي وانخفاض سعره، لكنه يصر على تعليم أولاده هذا الإرث، وأكد أن ثقة الناس بخبرته تجعله يصنع لهم مونتهم من الصابون البلدي من زيتهم الخاص بعد كل موسم .

فوائد جمة

وعن الفوائد في استخدام صابون زيت الزيتون أكدت الصيدلانية “سارة أحمد” أن لاستخدام صابون الزيت فوائد جمة، ومنها أهمية استعماله للبشرة لأنه مصنوع من المواد الطبيعية الخالية من أي مواد كيماوية، فيعد صديقاً للبشرة فمكوناته طبيعية صرفة، وتكمن أهم فوائده في الوقاية من بعض مشاكل الجلد، وتقوية الشعر، يرطب البشرة ويمنع جفافها لاحتوائه على مضادات الأكسدة وبعض المواد الطبيعية التي تعيد توازن درجة حموضة البشرة، بالإضافة إلى تعقيم الجلد من البكتيريا.

إقبال كبير

بدوره أكد أحمد حيدر تاجر من ريف الدريكيش أن الإقبال كبير جداً على الصابون البلدي “صابون زيت الزيتون والغار”، وازداد مؤخراً بسبب ارتفاع أسعار الصابون الآلي وتدني فعالية المواد الداخلة في صناعته.
إضافة إلى أن الكثير من الأسر عادت لصناعة الصابون البلدي بعد جني موسم الزيتون، وتخزينه كمؤونة في منازلهم بعد بيع الفائض عن حاجتهم.

Leave a Comment
آخر الأخبار