عودة رجال الأعمال… خطوة ملحّة تعيد ضبط التوازن الاقتصادي في سوريا

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – نهلة أبوتك:

يشكّل تأسيس مجلسي رجال الأعمال السوري–الأميركي والسوري–الفرنسي نقطة تحوّل مهمة في المشهد الاقتصادي السوري، يصفها الخبير الاستشاري في تأسيس الصناديق السيادية، مهند الزنبركجي، بأنها مرحلة فاصلة في مسار إعادة بناء الاقتصاد بعد التحرير. ويرى أن هذا القرار لا يقتصر على تعزيز التعاون مع رجال أعمال أجانب، بل يؤسس لعملية إعادة هيكلة اقتصادية عميقة ترتكز على مهنية أعلى ورؤية واقعية للمرحلة المقبلة.

توقيت حساس.. ومسؤوليات مضاعفة

ويشير الخبير الاستشاري إلى أن البلاد تدخل هذه المرحلة في ظل تراكم تحديات اقتصادية وإدارية تركتها سنوات الحرب والركود، ما يجعل عودة رجال الأعمال ذوي الخبرة الدولية ضرورة وطنية لتعويض الفجوات التي خلّفتها السنوات الماضية. ويوضح أن إدخال خبرات إدارية ومالية حديثة بات أمراً ملحّاً لإعادة تشغيل المنظومة الاقتصادية بكفاءة أعلى.

التجارب السابقة.. ودروس المرحلة المقبلة

ويعتبر الزنبركجي في حديثه لـ”الحرية” أن العديد من الإجراءات الاقتصادية خلال السنوات السابقة كانت بطابع تجريبي، بما في ذلك محاولات إطلاق صندوق سيادي وطني يحتاج اليوم إلى تطوير مؤسسي حقيقي. ويرى أن المرحلة الحالية تمثل فرصة نادرة لإعادة بناء الأدوات المالية وفق معايير احترافية تتيح جذب استثمارات وتحقيق استقرار مالي طويل الأمد.

ويضيف موضحاً أن غياب التخطيط الاستراتيجي وتشتت الجهود أديا إلى فقدان فرص مهمة، “لكن تصحيح المسار لا يزال ممكناً عبر دمج خبرات رجال الأعمال مع رؤية الدولة الاقتصادية.

رجال الأعمال.. رافعة النهوض الاقتصادي

ويؤكد الخبير أن رجال الأعمال السوريين أصحاب الخبرة الدولية يشكّلون الركيزة الأكثر تأثيراً في أي خطة للنهوض الاقتصادي، لامتلاكهم القدرة على إعادة هيكلة الشركات الوطنية وفتح قنوات للتواصل مع شركاء دوليين وجذب استثمارات نوعية.

ويشير إلى أن العديد من الدول التي مرت بأزمات عميقة استعادت قوتها الاقتصادية بفضل عودة رجال الأعمال الوطنيين من الخارج، “وسوريا اليوم أمام نفس الفرصة.

نموذج اقتصادي متوازن بين الدولة والقطاع الخاص

ويوضح الخبير الاقتصادي أن النموذج الأمثل للمرحلة المقبلة يقوم على ثلاث ركائز أساسية:

. شركات وطنية تُدار بعقلية القطاع الخاص وتتمتع بمرونة عالية وقدرة على المنافسة.

. تطوير الصندوق السيادي الوطني ليصبح الأداة المركزية لإدارة الموارد والمشاريع الكبرى بآليات شفافة وفعّالة.

. مجلس اقتصادي أعلى يضم نخبة من خبراء التخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات لضمان سرعة ودقة القرار الاقتصادي.

كما يشير إلى أن هذا النموذج يضمن للدولة الحفاظ على القرار الاقتصادي، مع توظيف قوة القطاع الخاص لتحقيق التوازن المطلوب.

استثمارات استراتيجية تعيد تشغيل عجلة الإنتاج

ويشدّد المستشار الاقتصادي على أن المرحلة المقبلة تتطلب إطلاق مشاريع استراتيجية في قطاعات الصناعة والزراعة والطاقة والخدمات، بما يخلق فرص عمل ويعزز الإنتاج المحلي. ويرى أن إعادة توزيع الاستثمارات وفق خطط دقيقة يمنع تضارب المصالح ويضمن تحقيق نتائج مستدامة.

ويضيف أن الشراكة المنظمة بين الدولة والقطاع الخاص يمكن أن تفتح الباب أمام نقلة نوعية، شرط وضوح الأطر القانونية وتوزيع المسؤوليات بدقة.

اقتصاد لا يملك رفاهية الوقت

ويؤكد الخبير زنبركجي أن بناء اقتصاد متماسك يحتاج إلى سياسات واضحة وشاملة تشمل إعادة هيكلة القطاع الإنتاجي والخدمات المالية والمشاريع الوطنية الكبرى، بما يضمن نمواً طويل الأمد يعيد لسوريا مكانتها الاقتصادية في المنطقة.

ويختتم قائلاً: عودة رجال الأعمال، بالشراكة مع الدولة، هي الطريق لإعادة ضبط التوازن الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة في سوريا.

Leave a Comment
آخر الأخبار