الحرية -وداد محفوض:
تعيش مدينة طرطوس طقوسها الرمضانية كل عام بحلول الشهر المبارك كباقي مدن سوريا، من تزيين الشوارع ومداخل الحارات بحبال زينة وعبارات ترحيبة بالشهر الفضيل، وصوت المسحراتي الذي يجوب الأحياء، إذاناً بحلول وقت السحور، وقيام الليل بعبارات تقليدية قديمة “أصحى يانايم وحد الدايم” ، كما يتبادلون التهاني مع الأهل والأصدقاء بقدوم الشهر المبارك وإظهار المودة والتسامح بينهم لغسل القلوب من أي بغض أو عتب، وللمأكولات والحلويات التراثية المشهورة في طرطوس حصتها على موائدهم كطقس اجتماعي متوارث كل حسب عائلته فلا تقليد يجمع طرطوس على نوع واحد من المأكولات.
مراسلة صحيفة “الحرية” زارت طرطوس القديمة وبعض أحياء المدينة وسألت ماذا تعد الأسر لفطورها في الأيام الأولى من رمضان؟
أم بلال ربة منزل ذكرت أنها تعد “الصيادية” في أول أيام رمضان، كتقليد سنوي، وهي أكلة تراثية قديمة في طرطوس تعتمد على السمك المقلي وطبخ الأرز بزيته، وهذا التقليد ورثته عن أهلها وأجدادها، فالسمك يعتبر رمزا” خاصا” للمدينة، وتضيف أن الصيادية تعد وجبة رئيسية ذات قيمة غذائية عالية تشبع الصائم بعد صوم يوم طويل، مضيفة أنها تحضر الفتوش والشوربة إلى جانب الصيادية مع عصير الخرنوب الذي يعتبر أساسيا” أيضا” لعائلتها.
وعن طبق الحلوى بعد الإفطار أشارت السيدة فاطمة محمد أنها تعد “التلاج” وهو أيضا” نوع من الحلويات التراثية المشهورة والخاصة بطرطوس والمؤلف من رقائق العجين المحشوة بالقشطة أو المكسرات والمخبوزة بالسمن العربي في الفرن والمضاف إليها القطر وتؤكل ساخنة.
أما السيدة نورا سليمان نوهت أنها لا تفضل أكلات السمك في أول رمضان، فهي اعتادت على إعداد أكلات “بلون أبيض” قائلة يجب أن “نبيضها” في أول أيام رمضان المبارك لتبيض أيامنا, كالشاكرية أو كبة لبنية او شيخ المحشي أو الشيشبرك إضافة إلى الأرز الأبيض وبجانبها الشوربة والفتوش وعصير قمر الدين، مبينة أنها ترسل إلى جاراتها “سكبة رمضان” قبيل موعد الإفطار وهذا تقليد قديم لاتتخلى عنه لأنه يزيد من المحبة والألفة بين الجيران.
وأشارت السيدة وديعة رجب أنها تطبخ في اليوم الأول أكلة تراثية قديمة بناء” على طلب زوجها “البرغل بحمص” بالزيت البلدي الذي يضفي عليها مذاقاً لذيذاً وبجانبها يخنة الدجاج، إضافة إلى الفتوش وعصير التمر هندي، وتحضر طبق الحلويات التراثي بامتياز “السيالات” وهي عجين مرقوق ومخبوز على الصاج ومغطس بالسمن البلدي والسكر، تجتمع العائلة لأكله ساخنا” في السهرة بعد الإفطار.
تقاليد متعددة لأنواع المأكولات لفطور أول أيام رمضان المبارك للأسر في طرطوس فكل يعد إفطاره حسب حالته المادية خاصة في ظل ترد للأوضاع المعيشية السيئة التي يمر بها البلد عموما”.
المرشدة الاجتماعية أية عيسى بينت أن العادات والتقاليد هي أساس المجتمعات فهي تظهر مدى انتماء وتمسك الفرد بجذوره وماضيه، منوهة أن لشهر رمضان الفضيل مزايا كثيرة محببة فكل العائلات تنتظر قدومه لتصل الرحم فيما بينها، وأضافت عيسى أن مكانة الشهر الفضيل في نفوس الصائمين تعزز الإيمان وتخلص النفوس من البغض وتنشر روح المحبة والتسامح بين الجميع.