طوق نجاة اقتصادي واجتماعي يبحث عمّن يجده…” البزنس المفقود” بانتظار تظهير جديد بعد إخفاقات مزمنة

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحريّة – ميليا اسبر:

يتّسم الاقتصاد السوري باعتماده على المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، ولاسيما خلال فترة الحرب بسبب الظروف التي تعرضت لها البلاد، والدمار الذي لحق بأغلب المنشآت الاقتصادية الكبيرة، علماً أنّ هذه المشروعات تحتاج إلى تطوير وتقديم كل التسهيلات من أجل الارتقاء بالاقتصاد إلى أعلى مستوى.

اسمندر : تسهم بأكثر من 26% من الناتج المحلي

الخبير الاقتصادي إيهاب اسمندر أوضح أنّ أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة تكمن في الاقتصاد السوري، لكونه أساساً يقوم على هذا النوع من المشروعات، فخلال الفترة 2011- 2024 شكلت المشروعات الصغيرة حوالي 35% من المشروعات، بينما شكلت المشروعات المتوسطة حوالي 4% بسبب تراجع أحجام المشروعات في سوريا بشكل كبير نتيجة الحرب، منوهاً بأن النسبة الأكبر من المشروعات كانت متناهية الصغر بنسبة 65%.

تسهم بنسبة 62% من الناتج المحلي

وبيّن اسمندر أنه ضمن هذه الفترة ساهمت المشروعات الصغيرة والمتوسطة بأكثر من 62% من الناتج المحلي الإجمالي، ولعبت الدور الرئيس في التشغيل، حيث يعمل فيها 55% من العاملين، إضافة إلى أنها تسهم بنسبة 86% من الصادرات غير الحكومية ، مشيراً إلى أنه في الفترة المقبلة لا نتوقع أن يحصل تغيير على طبيعة حجم المشروعات في سوريا، وسيبقى الاقتصاد السوري اقتصاد مشروعات صغيرة ومتوسطة، وهذا لا يعيبه، شريطة تطوير هذه المشروعات والوصول بها إلى أعلى كفاءة ممكنة.

اسمندر: تزايد في فجوة الاقتصاد الحقيقي في البلاد منذ عام 2011

نقص كبير في الإنتاج الزراعي والصناعي

ولفت اسمندر إلى وجود نقص حاد في إنتاج معظم القطاعات بعد الدمار الذي حصل منذ عام 2011 ، وهناك تزايد في فجوة الاقتصاد الحقيقي في سوريا، مايعني وجود نقص خطير في الإنتاج الزراعي والصناعي، و تواجه البلاد تراجعاً في الإنتاج الزراعي، حيث فقدت 25% من الأشجار المثمرة بين عامي 2011 و 2024، كما خسرت ما يقارب 40% من قطيع الأبقار، ولا تنتج إلّا ما يغطي 30% من حاجتها من القمح بحسب البيانات الرسمية، مشيراً إلى أن قطاع الصناعة ليس أفضل حالاً مع وجود أكثر من 300 ألف منشأة مختلفة الأحجام متوقفة أو تعمل بطاقة إنتاجية محدودة (بحسب بيانات تعداد المنشآت لعام 2023)، وحصل شبه توقف في الصناعة الاستخراجية، وتراجعت الصناعة التحويلة إلى ما يقارب 8% فقط في عام 2024 عما كانت عليه في العام 2011 ، وعليه فإنّ سوريا اليوم بحاجة لدعم وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في القطاعين الزراعي والصناعة التحويلية بشكل أساسي.

تسهيلات لدعم المشروعات

ولدى السؤال عن المطلوب من الحكومة حالياً لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أجاب اسمندر بأنه أولاً يجب تسهيل إجراءات الترخيص الإداري والفني وتقديم الدعم التدريبي وتأهيل العمالة المناسبة لهذه المشروعات لأهمية رأس المال البشري فيها، إضافة إلى تأهيل مناطق مناسبة لمباشرة هذا النوع من المشروعات من أجل تعويض النقص الحاصل في البنية التحتية في البلد مع تأمين قروض ميسرة لهذه المشروعات من حيث تقليل الضمانات المطلوبة ودعم أسعار الفائدة عليها.

ونوه بضرورة توفير شركات متخصصة وأماكن لتسويق منتجات هذه المشروعات نظراً لضعف المقدرة التسويقية لدى معظم أصحابها، بما في ذلك دعم مشاركتهم في المعارض ومهرجانات التسوق (حيث تواجه 72% من المشروعات الصغيرة في سوريا صعوبات تسويقية، و82% من المشروعات الصغيرة التي تفشل في السنة الأولى يكون السبب الأساسي هو الفشل في تسويق منتجاتها)

430 ألف مشروع

أما من حيث أعداد وانتشار المشروعات، فذكر اسمندر أن كل البيانات المرتبطة بذلك مأخوذة من التعداد العام للمنشآت الاقتصادية، الذي جرى بين عامي 2022 و 2023 ولم يحصل عليه تحديث، حيث ظهر فيه أن عدد هذه المشروعات من مختلف الأحجام وبمختلف القطاعات يبلغ 430 ألف مشروع تقريباً (60% منها في القطاع التجاري) وتستحوذ محافظة حلب على 31% من المشروعات يليها محافظة ريف دمشق بحوالي 17% من المشروعات وتقريباً محافظات دمشق وطرطوس واللاذقية (9% لكل منها) وبعدها محافظتا حمص وحماة (حوالي 9%) لكل محافظة.

صعوبات

وذكر اسمندر وجود صعوبات تعوق عمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أهمها إدارية تتعلق بصعوبة الترخيص الإداري والفني للمشروع، وهذا يدفع قسماً كبيراً من المشروعات للعمل في الاقتصاد غير المنظم إضافة إلى صعوبات تسويقية؛ إما لجهل بتقنيات وأساليب التسويق، أو عدم القدرة على المشاركة في المعارض الترويجية أو بسبب حالة الفقر الكلي في سوريا، وتالياً صعوبة توفير الطلب المناسب لمنتجات عدد كبير من المشروعات مع صعوبة تصدير منتجاتها للخارج بسبب العقوبات التي كانت مفروضة على البلد وضعف قطاع النقل، مؤكداً أيضاً صعوبات في توفير العمالة، حيث يهاجر قسم كبير من الشباب السوري المؤهل خارج البلد،

والعنصر البشري هو الأهم لهذا النوع من المشروعات (تعاني 53% من المشروعات الصغيرة والمتوسطة من مشكلة نقص العمالة الماهرة)، كذلك تعاني المشروعات من مشكلات فنية بسبب فترة الحصار وأوضاع البلد، حيث يصعب تأمين الآلات وقطع الغيار والمعدات وبعض المواد الأولية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة (حوالي 42% منها عندها صعوبات في ذلك) والأهم وجود صعوبة التمويل، وذلك بسبب اشتراطات البنوك وارتفاع أسعار الفائدة، لا يستطيع القسم الأكبر من أصحاب المشروعات الصغيرة تحقيق شروط الحصول على القروض (7% فقط) وتالياً يلجأ معظم أصحاب المشروعات الصغيرة في سوريا لمصادر غير رسمية في تلبية احتياجاته من التمويل.

Leave a Comment
آخر الأخبار