الحرية – باسم المحمد:
تشير المؤشرات الصادرة عن مؤسسات الدولة السورية في نهاية العام إلى أن السنة المقبلة ستشكّل نقطة انطلاق حقيقية لإرساء دعائم الاقتصاد السوري، وذلك ضمن رؤية تنموية شاملة لا تستثني قطاعاً أو منطقة، ولا تغفل أي مورد من الموارد التي يمتلكها الشعب السوري. وترتكز هذه الرؤية على مبادئ الحوكمة الرشيدة والشفافية، وعلى تقديم صورة واقعية صادقة عن الوضع القائم، إلى جانب إشراك الآراء المختلفة وصولاً إلى اعتماد الحلول الأكثر ملاءمة لواقع البلاد وتطلعات مواطنيها.
وفي هذا السياق، أكد معاون وزير الطاقة لشؤون النفط، غياث دياب، في تصريح له أمس، أن النفط السوري هو حق سيادي وملك للشعب السوري، مشدداً على ضرورة عودة الحقول والمنشآت النفطية إلى إدارة الدولة بما يضمن تأمين الطاقة. كما أوضح التزام الدولة بحماية الثروات الوطنية واستثمارها بكفاءة وشفافية، بما يخدم الاقتصاد الوطني ويعود بالنفع على المواطنين. ويأتي هذا التصريح ليضع النقاط على الحروف، مؤكداً بما لا يدع مجالاً للشك أن الحكومة لن تفاوض على حقوق الشعب السوري، بكل مكوناته، بعد عقود طويلة عانى خلالها المواطنون من الحرمان والتهميش، ومن فساد استأثر بالثروات لصالح فئة محدودة، ما أدى إلى نشوء نموذج اقتصادي مشوّه، عاجز عن صون كرامة المواطنين أو مواكبة التحولات العالمية في مجالات التنمية والاستثمار.
ولا يخفى على أحد حجم المظلومية التي عانت منها المنطقة الشرقية خلال العقود الماضية، فرغم ما تزخر به من ثروات وخيرات، بقيت خارج أولويات خطط التنمية والتعليم والخدمات، الأمر الذي دفع أبناءها، ولا سيما الشباب، إلى البحث عن فرص العمل في محافظات أخرى أو الهجرة لتأمين متطلبات العيش. غير أن معالجة هذا الواقع اليوم يجب ألا تقوم على أسس خاطئة أو خارج إطار الدولة والسيادة الوطنية، بل عبر تكاتف جميع السوريين لبناء دولة قوية وحرة، تكفل العدالة لمواطنيها، بعيداً عن الشعارات المناطقية أو الدينية أو العرقية التي لا تجلب سوى الانقسام والدمار.
ومن المؤشرات الأخرى على ملامح المرحلة المقبلة، إعلان مصرف سوريا المركزي عزمه إصدار عملة سورية جديدة مطلع العام القادم، في خطوة تشكّل محطة وطنية مفصلية تعكس بداية مرحلة اقتصادية ونقدية جديدة. وقد أكد المصرف أن عملية استبدال العملة ستتم بطريقة سلسة ومنظمة، بما يعزز الثقة ويكرّس مبدأ الشراكة مع المواطنين.
وعليه، تمضي الدولة السورية بخطوات مدروسة وواضحة في المسارين الاقتصادي والمعيشي، وتفتح أبواب المشاركة أمام جميع السوريين للإسهام في صياغة ملامح سوريا الجديدة. وخلال فترة زمنية قياسية، تحققت إنجازات متسارعة على المستويين السياسي والاقتصادي، تُوّجت بإزاحة العقوبات الدولية الخانقة، في تأكيد على عزم الدولة مواصلة هذا المسار، واستعدادها الدائم للدفاع عن أرض سوريا وشعبها وثرواتها الوطنية.