الحرية ـ وليد الزعبي:
تكاد لا تنقطع الأنباء مع حلول البرد الشديد حول انهيار شبكات وأعطال محطات ومراكز تحويل كهربائية، إذ تتكرر بشكل كبير بسبب ضغط الحمولات الزائدة، فيما أرهق احتياج التدخل لإصلاحها على مدار الساعة ورشات الطوارئ القليلة.
لا شك أن المشترك النظامي الذي لديه عداد كهربائي يحرص أشد الحرص على الترشيد، فتجده يحيد استخدام الكهرباء في التدفئة وتسخين المياه، كما أنه بعد رفع سعر الكهرباء يتنقل في المنزل ليطفئ مصباح إنارة لا حاجة له في هذه الغرفة، أو ينزع شاحن موبايل غير مستخدم في غرفة أخرى، وهذا النوع من المشتركين، الذي يمثل غالبية ذوي الدخل المحدود، لا يشكل استهلاكه بالتأكيد أي حمولات زائدة.
لكن الحمولات العالية التي تتسبب في انهيار الشبكات الكهربائية وانصهار القواطع وتعطل المخارج وأحياناً عطب المحولات، ناجمة في معظمها عن حالات الاستجرار غير المشروع، حيث إن الكثير من مراكز التحويل الخاصة غير مرخصة وتستجر الكهرباء بشكل مخالف، وكذلك هناك حالات استجرار تجاري ومنزلي غير مشروعة، إذ إن المستفيدين غير مشتركين أصلاً بالكهرباء، ومثل هؤلاء لا سقف أو حدود للكميات التي يستهلكونها، ولا أي اعتبار لشيء اسمه ترشيد في أذهانهم.
ما يحدث لا يؤدي إلى ضعف وثوقية الخدمة فقط، بل يتسبب أيضاً بفاقد كبير، إذ تُصرف كميات ليست بالقليلة من الطاقة الكهربائية بلا أي قيمة، وهنا تبدو حالة من عدم العدالة إزاء ما يحصل، فمن يتمتع بصرف الكهرباء ولجميع الغايات لا يدفع قيمتها، بينما من يحيد عمل الكثير من التجهيزات الكهربائية ويحرم نفسه وأسرته من منافعها بقصد التوفير، يدفع مبالغ باهظة قياساً إلى دخله الضعيف.
لا يستقيم الأمر إلا بحملات واسعة من الضابطة العدلية للكهرباء، وبمؤازرة من مفارز الأمن الداخلي، لقمع حالات الاستجرار غير المشروع وإزالة المخالفات بشكل كامل عن الشبكات العامة، وإلزام الجميع بالاشتراك النظامي. وهو ما يكفل خفض الفاقد وتقليل الحمولات وما ينجم عنها من أعطال وأضرار، ويضمن أيضاً تحقيق العدالة بين المواطنين، حيث يدفع كل مستفيد من الخدمة ثمن ما يستجره، بالتوازي مع الحاجة الملحة لتأمين العدادات وتركيبها للمشتركين بأسرع ما يمكن، لتلافي أي تقديرات قد تكون مجحفة بحقهم.