في ذكرى التحرير عبد الباسط الساروت.. من حارس مرمى إلى رمز للثورة السورية

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – بشرى سمير:

لا يمكن أن تمر ذكرى التحرير الأولى دون ذكر أحد شبانها الأبطال الذين كانوا الشعلة التي أضاءت درب الثورة، فقد ارتبط اسم عبد الباسط الساروت (1992-2018) بشكل وثيق ببدايات الثورة السورية عام 2011، حيث تحوّل من حارس مرمى فريق كرة القدم في حي البريج بمدينة حمص، إلى أبرز الوجوه الشابة التي قادت الحراك السلمي في مراحله الأولى، حيث كان الساروت يجسد روح الشباب السوري المتطلع للحرية والكرامة.

التظاهرات السلمية

يقول الناشط الإعلامي والسياسي غيث العبد الله لـ”الحرية”: برز دور الساروت كمُنظِم ومُحرض للمظاهرات في حمص، التي عُرفت آنذاك بـ “عاصمة الثورة”. تميّز بأسلوبه الخطابي المؤثر وقدرته على حشد الشباب من خلال الأغنية الشعبية التي ارتبطت بشكل وثيق بالثورة السورية، وكانت رمزاً من رموز المقاومة والثقافة الشعبية التي تعبّر عن آلام وآمال الشعب السوري.
انطلقت أغنيات وأناشيد الساروت مع بداية الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الحكم، حيث كان يرفع شعارات تطالب بالحرية وإسقاط النظام، وظهر في مقاطع فيديو متعددة يلقي الخطب ويقود الهتافات، ما جعله هدفاً لأجهزة الأمن في النظام البائد.
وأضاف العبد الله: كان الساروت يؤمن بالعمل السلمي، وقد لعب دوراً في تنظيم الاعتصامات والتظاهرات التي انطلقت من مساجد المدينة وأحيائها الفقيرة.
صورته وهو يحمل مكبر الصوت ويوجه المتظاهرين أصبحت أيقونة للثورة في مرحلتها السلمية.. لقد تجاوزت أغنية الساروت حدود الموسيقى لتصبح نشيداً للحرية والأمل، تتردد في المظاهرات وتلهم المتظاهرين لمواصلة نضالهم من أجل التغيير. كما ارتبطت هذه الأغنية بالساروت الذي شكل رمزاً للمقاومة، حيث استخدم صوته وكلماته لتسليط الضوء على المعاناة والمأساة التي يعيشها الشعب السوري. وتميزت كلمات الساروت بالصدق والعفوية، حيث عكست مشاعر الشعب السوري من خوف وأمل ومقاومة، تمزج الأغنية بين الحزن والفخر، ما يجعلها قادرة على لمس قلوب المستمعين وتعزيز الشعور بالانتماء والوحدة.

التحول نحو المقاومة المسلحة

مع تصاعد القمع الأمني وتحول الثورة إلى صراع مسلح، وجد الساروت نفسه أمام خيارات صعبة، فقد اعتقل عام 2012 وتعرض للتعذيب في سجون النظام، ثم أطلق سراحه ليواصل نشاطه لكن هذه المرة متخذاً خيار المقاومة المسلحة، فانضم إلى الثوار وأصبح قائداً ميدانياً في حمص.

الرمزية والتأثير

وأضاف العبد الله: يمثل مسار الساروت من الناشط السلمي إلى المقاتل تحولاً جسّد مسار الثورة السورية ذاتها.. لقد أصبح رمزاً للشباب السوري الذي بدأ بمطالب إصلاحية بسيطة ثم وجد نفسه في مواجهة وجودية مع نظام لم يتردد في استخدام أقصى درجات العنف.
انتقل الساروت لاحقاً إلى إدلب، حيث استمر في القتال ضد قوات النظام حتى استشهاده في عام 2019.
وعلى الرغم من التحديات والصعوبات التي واجهت البلاد، استمر الشعب السوري في استخدام الساروت كوسيلة للتعبير عن هويته وثقافته وأصبح الساروت جزءاً لا يتجزأ من تاريخ الثورة السورية وثقافتها، إذ يمثل صوتاً يتجاوز الحواجز ويتجاوز الزمن.

قدرة الفن

في النهاية يظل الساروت رمزاً للإرادة والعزيمة ودليلاً على قدرة الفن في توحيد الشعوب وتعزيز الهوية والثقافة في وجه التحديات وأغنيته ليست مجرد لحن موسيقي بل هي نبض شعبي وموروث ثقافي يبرز قوة الشعب السوري ورغبته في الحرية والعدالة.

Leave a Comment
آخر الأخبار