الحرية- عمار الصبح:
لا حديث يعلو بين السوريين سوى كارثة الحرائق المستمرة من أكثر من عشرة أيام في غابات الساحل السوري، كارثة ورغم مرارتها وما ستخلفه من تداعيات ونتائج سلبية على الواقع البيئي، إلا أنها في الجانب المضيء من المشهد أعادت تأكيد وحدة السوريين وتضامنهم، ووقوفهم إلى جانب بعضهم بعضاً في المحن والملمات. هذا التضامن الذي سيكون كفيلاً بطي صفحة الحرائق ومشاهدها المؤلمة وتحويلها إلى مجرد ذكريات.
مواقف بطولية
تتحدث لبنى الطالبة في كلية التربية بدرعا عن مشاعر الأسى التي تنتابها وهي تشاهد ما صنعته الحرائق بالغابات السورية على مدى الأيام الماضية، والتي أكلت الأخضر واليابس بكل ما يحمله هذا التعبير من معنى، واصفة مشاهد تصدي رجال الإطفاء وفرق الدفاع المدني للنيران بالبطولية، حيث لم تثنهم خطورة النيران المنتشرة، ولا صعوبة التضاريس والظروف الجوية، عن مواصلة عملهم في إخماد الحرائق، وهم يسابقون الزمن لمحاصرة النيران ومنع انتشارها بشكل أكبر.
لبنى التي شعرت بأنها معنية بالكارثة كما كل السوريين، لم تشأ أن تظل مكتوفة الأيدي، فقد أفردت حيزاً واسعاً من صفحتها الشخصية لعرض الصور والفيديوهات التي توثق حجم الكارثة، وتسجل بطولات فرق الإطفاء واللحظات الصعبة التي يعيشونها في مواجهة ألسنة النار ليدافعوا عن “رئة سوريا”، علّها بذلك تستطيع أن تؤدي دوراً ولو بسيطاً لشكر هؤلاء الرجال، وهذا أقل من الواجب تجاههم، حسب قولها.
“كفيتم ووفيتم”
بدوره، يشير مأمون جباوي إلى أنه لم يزر هذه المناطق من قبل، ولكنه بالمقابل يشعر أنه معني بالأمر، فالمصاب كما يؤكد هو واحد، والعزاء بهذه الثروة الوطنية هو عزاء مشترك بين كل السوريين، مضيفاً: إن ما يسطره رجال فرق الإطفاء في محاولاتهم لإطفاء النيران، يعد ملحمة بطولية تستحق، ليس فقط الشكر والثناء، وإنما الدعم والمساندة بكل أشكالها مادية كانت أو معنوية.
ووجه الشاب حديثه عبر “الحرية” إلى كل الواقفين على خطوط النار من رجال الإطفاء والدفاع المدني والفرق التطوعية قائلاً:” شكراً لكم، لمثلكم ترفع القبعات. “كفّيتم ووفّيتم”، وستظل بطولاتكم وتضحياتكم دَيناً في أعناق كل السوريين”.
حملة أهلية
التضامن مع رجال الإطفاء من قبل أبناء محافظة درعا لم يقف عند مشاعر التأييد، بل تعداها إلى تنظيم حملات أهلية لمساندة فرق الإطفاء والدفاع المدني، إذ أطلق عدد من شباب درعا “حملة 18 آذار” كمبادرة شعبية مجتمعية لجمع مستلزمات إنسانية وغذائية وطبية لدعم رجال الدفاع المدني الذين يحاولون إخماد النيران، حيث وصلت قافلة المساعدات إلى مواقع الحرائق في الساحل السوري، بالتنسيق مع الفرق العاملة في الميدان دعماً للاستجابة الطارئة في مواجهة الحرائق.
وهدفت الحملة حسب تأكيد المشرفين عليها إلى جمع تبرعات عينية وغذائية لدعم عناصر الدفاع المدني الذين يعملون ليلاً ونهاراً لإخماد النيران، وحماية المساحات الحراجية والسكان القاطنين في المناطق المجاورة.
وأشاروا إلى أن الحملة لاقت تفاعلاً واسعاً من مختلف الأحياء والبلدات، في مشهد يعكس وعي المواطنين وحرصهم على الوقوف جنباً إلى جنب في وجه الكوارث والأزمات، مشددين على أن السوريين يبقون جسداً واحداً في كل الأزمات والظروف.
وتُعد الحرائق التي اجتاحت مناطق واسعة من الساحل السوري من أخطر الكوارث البيئية في البلاد منذ سنوات.
إذ تشير التقديرات الرسمية إلى احتراق آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية والغابات في سلسلة من الحرائق المتزامنة منذ بداية الشهر الجاري، في مناطق مشهورة بجمالها الطبيعي وتنوعها البيئي، مثل صلنفة وكسب ورأس البسيط والفرنلق، وهي مناطق توصف بأنها رئة طبيعية لسوريا.