ملف «الحرية».. عصف ذهني بشأن “اختراع سوريا الجديدة”.. خبراء يعلنون مصفوفة مهام لتلبية استحقاق المصطلح

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحريّة – نهى علي:

أثار مصطلح ” اختراع سوريا الجديدة ” الذي أطلقه وزير الاقتصاد، الدكتور محمد نضال الشعار، تساؤلات كثيرة حول الدلالات التي يرمي إليها الوزير، بكل ما تنطوي عليه من تفاؤل، بالشكل الذي التقطه الجميع، خصوصاً أنّ الشعب السوري شغوف وتوّاق للخروج من دوامة الفقر، وسلسلة المشكلات المعقدة التي أوقعته فيها السنوات العجاف.
والتساؤل اليوم.. ما ملامح “اختراع سوريا الجديدة” وكيف يمكن تجسيد تطبيقات واقعية على الأرض بما يوازي دلالاته بالغة الأهمية؟

د. مظهر يوسف: عانى الاقتصاد السوري خلال حقبة النظام البائد من سوء استثمار الموارد وتوجيهها باتجاه مصالح ضيقة لا تخدم الاقتصاد الوطني

استدراك
للدكتور مظهر يوسف أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق، وجهة نظره في مفهوم ” اختراع سوريا”، فهو يرى أن الاقتصاد السوري عانى خلال حقبة النظام البائد من سوء استثمار الموارد الاقتصادية المتاحة وتوجيهها باتجاه مصالح معينة لا تخدم الاقتصاد الوطني، لأنها لو استُخدمت بشكل صحيح لكان يمكن أن تخفف كثيراً من المعاناة الاقتصادية التي عانت منها البلاد.. وبالتالي الآن الفرصة متاحة لإعادة استثمار هذه الموارد بالشكل الصحيح.

د. مظهر يوسف: أمام سوريا فرصة لإعادة استثمار مواردها بالشكل الصحيح..والاستفادة من كلّ الخبرات المهمَشة في الداخل وجذب الخبرات السورية من الخارج

فعلى صعيد الموارد البشرية، يرى د. يوسف في تصريحه لـ “الحريّة ” أنه لا بدّ من الاستفادة من كلِّ الخبرات السورية في داخل البلاد والتي تم تهميشها، بالإضافة إلى جذب الخبرات السورية الخارجية، التي اكتسبت الكثير من الخبرات والمهارات من خلال عملها و احتكاكها في الخارج، وتوسيع حلقة التشاركية مع كافة الفئات الاقتصادية.

د. مظهر يوسف: ضرورة توجيه الجامعات السورية لافتتاح أقسام باختصاص إدارة الموارد البشرية

صقل الموارد البشرية
ويرى د.يوسف أنه لا بدّ من توجيه الجامعات السورية، لافتتاح أقسام باختصاص إدارة الموارد البشرية، وهو اختصاص شبه نادر في الجامعات السورية.
أما على صعيد الموارد الطبيعية.. فيرى أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق، أنه يجب الاستفادة من كلّ الثروات الطبيعية الموجودة، على كامل مساحة الجغرافيا السورية، وخاصة الباطنية منها، بما يخدم الاقتصاد الوطني.

د. إبراهيم نافع قوشجي: لا بدّ من إعادة استقطاب الشباب السوري والخبرات المحيّدة للمشاركة في بناء سوريا الجديدة

جذب واستقطاب
أما بالنسبة للموارد المالية والاستثمارات، فيرى د. يوسف أنه لا بدّ من العمل على جذب الاستثمارات وتشجيعها، المحلية منها والخارجية، وتقديم كافة المحفزات لها، لتدوير عجلة الإنتاج.
يُضاف إلى ذلك.. تطوير البنية الاقتصادية التحتية، وتطوير عمل المصارف، لأنها تشكل الدورة الدموية لأي اقتصاد، ويمكّنها من تسريع التعافي الاقتصادي، وخاصة إذا تمّ تعميق التوجه نحو الدفع الإلكتروني الذي يمكن أن يعالج مشكلة نقص السيولة الموجود في الاقتصاد.
ويسلم د. يوسف بأن مواردنا الاقتصادية في سوريا محدودة حالياً، لكن من خلال الاستثمار الجيد لهذه الموارد، يمكننا النهوض بالاقتصاد من جديد، وكلما تم استخدام هذه الموارد بشكل أمثل، سرّعنا في تعافي الاقتصاد.

د. إبراهيم نافع قوشجي: ضرورة إعادة تفعيل الحلقات الإنتاجية المتوقفة والمصانع المعطّلة واستيراد معدات حديثة معززة للإنتاج

موارد
أما الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي فيرى في إجابته عن سؤال لـ “الحرية”، أنّ ملامح “اختراع سوريا تكون من خلال الاستثمار الأمثل للموارد، وتحقيق شراكة اقتصادية شاملة تبدأ من استثمار الموارد البشرية المتمثلة بطاقات الشباب والكفاءات، حيث يتم التركيز على استقطاب الشباب السوري ذوي الخبرات المدفونة خلال السنوات الماضية، عبر خطة لإنعاش الاقتصاد تعتمد على مشاركتهم في صنع القرار وتنفيذ المشاريع الإنتاجية، وتشجيع الكفاءات السورية في الداخل والخارج للمساهمة في إعادة الإعمار، مع تقديم تسهيلات حكومية لربط هذه الطاقات بفرص العمل.

الإنتاج
أما الملمح الثاني فيرى د.قوشجي أنه يتمثّل في إعادة تفعيل الحلقات الإنتاجية المتوقفة وإحياء المصانع المُعطَّلة بسبب سياسات النظام السابق، حيث بدأ أكثر من 400 مصنع في حلب بالإنتاج مجدداً، مع استيراد آلات حديثة لتعزيز الإنتاج المحلي.

شراكة
والملمح الثالث يتمحور حول الشراكة الاقتصادية مع القطاعات المحلية والدولية مشاركة القطاعين العام والخاص، أي تشكيل شراكات مع الصناعيين والتجار وموظفي الدولة عبر مشاورات مكثفة قبل اتخاذ القرارات الاقتصادية.
العقوبات
أما المحور الرابع فهو المطالبة برفع العقوبات المفروضة على سوريا وتحقيق متطلباتها السياسية والاقتصادية، خاصة تلك المتعلقة بنظام “سويفت” للتحويلات المالية، والتي ستؤدي إلى تحسن فوري في الوضع المعيشي.

د. إبراهيم نافع قوشجي: سوريا أمام حتمية تحويل التحديات إلى فُرص عبر شراكات داخلية وخارجية واستغلال الموارد البشرية والمادية

المصارف
ويشير الخبير قوشجي إلى ما يتعلّق بإصلاح النظام المصرفي ليكون “الدورة الدموية للاقتصاد”، عبر تعاون فعّال بين المصرف المركزي ووزارة المالية لضمان مرونة التمويل.

نقاط القوة
ويرى د. قوشجي ضرورة الاعتماد على نقاط القوة الداخلية وتعزيز القيم المجتمعية و التعاون الفعّال لبناء اقتصاد قائم على الثقة بين الأفراد والمؤسسات، واستغلال الموارد الطبيعية (كالزراعة والثروات الباطنية) والموقع الجيوسياسي الإستراتيجي لسوريا، مع تصحيح التشوهات في السياسات الاقتصادية القديمة.

التحوّل الرقمي
ويؤكد الخبير الاقتصادي أنّ مسألة التحول الرقمي والإصلاح الإداري تبدأ من تطوير البنية التحتية التكنولوجية، وتحويل المؤسسات الحكومية إلى أنظمة رقمية لتعزيز الشفافية، وتبسط الإجراءات البيروقراطية لجذب المستثمرين، مثل تحديث قوانين الاستثمار وإنشاء مناطق حرة مع دول الخليج.

استحقاقات
بالعموم يرى الخبير قوشجي أنّ “اختراع سوريا الجديدة” يرتكز على تحويل التحديات إلى فرص عبر شراكات داخلية وخارجية، مع استغلال الموارد البشرية والمادية بشكل فعّال. نجاح هذه الرؤية يعتمد على رفع العقوبات، وإصلاح النظام المالي، وتعزيز التعاون الدولي، وهو ما بدأت ملامحه تظهر عبر إعادة تشغيل المصانع ومبادرات جذب الاستثمارات.

اقرأ أيضاً:

ملف «الحرية».. خريطة طريق لـ«إنتاج سوريا الجديدة»..استغلال إمكانات التكنولوجيا الناشئة وتحسين توزيع المواد وتوفير بيئات للمنشآت الإنتاجية

Leave a Comment
آخر الأخبار