عطلة الأحلام أم كابوس الضغوط؟ لماذا يشعر الكثيرون بالضيق قبل أو بعد العطل؟

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- إلهام عثمان:

بينما يترقب الكثيرون العطل الرسمية بفارغ الصبر كواحة للراحة، يجد قطاع واسع من الناس أنفسهم في دوامة من الضيق والتوتر مع اقترابها، هذه المفارقة؛ التي تبدو غريبة للوهلة الأولى، تُخفي وراءها أبعاداً نفسية واجتماعية عميقة، وهنا يطرح السؤال نفسه بحيرة، لماذا تتحول الفرحة المتوقعة إلى مصدر للقلق لدى البعض؟

التناقض الجوهري

تشير الخبير ة التربوية والاجتماعية مرح الشهابي ومن خلال حوار مع صحيفتنا ” الحرية”، إلى أن التناقض النفسي والاجتماعي الكامن وراء هذا الشعور، يكمن في الفجوة بين التوقعات المثالية للعطلة والواقع المعقد، فما يفترض أن يكون وقتاً للاسترخاء، يتحول إلى عبء بسبب الضغوط المتراكمة لبعض الواجبات المؤجلة وغيره.

ضغوط خفية

و بينت الشهابي أن الأمر لا يقتصر على الجانب النفسي؛ فالضغوط المالية تُعد محركاً رئيسياً للقلق. فالعطل غالباً ما ترتبط بزيادة الإنفاق المتمثلة بزيارة الأقارب أو باستقبالهم و بتحضير بعض المأكولات المميزة كونه لمة عائلية، ما يشكل عبئاً مالياً كبيراً، يضاف إلى ذلك التوقعات المجتمعية والثقافية العالية بأن تكون العطل “مثالية” ومليئة بالسعادة والترابط العائلي، ما يضع ضغطاً هائلاً على الأفراد لتحقيق هذه الصورة، هذا الضغط قد يفاقم شعور البعض بالوحدة أو العزلة، خاصة إذا كانت ظروفهم لا تسمح بتحقيق تلك الصورة المثالية التي تُعرض باستمرار.

عبء لوجستي

بعيداً عن الجوانب النفسية والإجتماعية، تشكل العطل عبئاً لوجستياً كبيراً، هذا ما أضافته الشهابي، فالتحضير لها يتطلب تخطيطاً مكثفاً كشراء المستلزمات، تحضير الطعام، وتنظيف المنزل، ووفقاً لرأي السيدة أم وليد وهي موظفة والتي تقول: إن يوم العطل يعتبر يوماً متعباً جداً وليس للراحة كما يظن البعض، وخاصة كوني موظفة، حيث أسعى لأن يكون تنظيف المنزل بشكل مثالي ومكثف أكثر من باقي أيام الأسبوع.

هذا الكم الهائل من المهام يمكن أن يكون مرهقاً جداً، ويسبب التوتر قبل بدء الدوام والعمل، كما أن اضطراب الروتين اليومي المستقر، سواء في النوم أو الأكل أو العمل، يساهم في الشعور بعدم الارتياح وفقدان السيطرة، ما يعد سبباً رئيسياً لهذا الضيق حسب رأي الشهابي.

شبح المقارنة

كما أن شبكات التواصل الاجتماعي، ووفقاً لرأي الشهابي تساهم بالتفنن بالصورة المثالية للعطلات التي تعرض على المنصات الرقمية، والتي تزيد من الضغط النفسي والشعور بالضيق، فالأفراد يجدون أنفسهم في دوامة من المقارنة بين واقعهم وما يرونه من صور “مثالية” لحياة الآخرين، ما يولد شعوراً بخيبة الأمل أو عدم الكفاية.

استراتيجيات الهدوء

في ظل هذه التحديات، تقدم الخبيرة إستراتيجيات عملية ونفسية لتخفيف هذا الضيق المرتبط بما قبل أو بعد العطل، حيث تنصح بـالتركيز على ما يمكن تحقيقه والاستمتاع باللحظات البسيطة، بدلاً من السعي للمثالية، خفض سقف التوقعات الشخصية والاجتماعية، السعي لتقليل العبء اللوجستي وتجنب التوتر اللحظي من خلال التخطيط المسبق، و لتقليل اضطراب الحياة اليومية.
كما يمكن تخصيص وقت للراحة الشخصية والأنشطة الممتعة بعيداً عن الالتزامات.. ومنها العائلية خاصة بالنسبة للموظفين، ويجب إدراك أن ليس كل ما ينشر على السوشيال ميديا من صور وفيديوهات ترفيهية مثالية هي حقيقية وترتبط بالواقع، بل معظمها لجذب تعليقات ولايكات الفانز.

في الختام، تؤكد الشهابي أن العطل الرسمية يمكن أن تكون فعلاً مصدراً للراحة والسعادة، إذا ما تم التعامل معها بوعي وإدارة للضغوط والتوقعات غير الواقعية، فالهدف ليس إلغاء العطل، بل تحويلها من مصدر للقلق إلى فرصة حقيقية للتجديد والترابط لكن بما يناسب قدراتنا.

Leave a Comment
آخر الأخبار