الحرية – متابعة أمين الدريوسي:
في خطوة تصعيدية لوقف الحرب في أوكرانيا، فرضت الولايات المتحدة عقوبات صارمة على شركتي «روسنفت» و«لوك أويل»، وهما من أكبر منتجي النفط في روسيا، وفقاً لما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» للكاتب غافين باتلر.
العقوبات، التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر منصة «تروث سوشيال»، تستهدف ما يقرب من نصف صادرات النفط الروسي، أي نحو 3.1 ملايين برميل يومياً، بحسب تقديرات بلومبيرغ.
وتعد «روسنفت»، التي يرأسها إيغور سيتشين، حليف بوتين المقرب، مسؤولة عن إنتاج نحو 6% من إجمالي النفط العالمي، وفقاً لتقديرات الحكومة البريطانية، أما «لوك أويل»، فهي شركة خاصة تعمل في قطاع الطاقة داخل روسيا وخارجها.
ضغط اقتصادي أم مناورة سياسية؟
وبحسب تحليل «بي بي سي» فإن العقوبات تهدف إلى تقويض قدرة روسيا على تمويل الحرب، ودفعها نحو تسوية سياسية.
الدكتور ستيوارت رولّو، الباحث في مركز الدراسات الأمنية الدولية بجامعة سيدني، أوضح أن الهدف ليس فقط التأثير على الصناعة العسكرية، بل أيضاً «إجبار روسيا على قبول شروط السلام خوفاً من تصاعد تأثير العقوبات على اقتصادها ومجتمعها».
لكن التأثير العسكري المباشر يبدو محدوداً، كما يرى الدكتور مايكل راسكا من جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، الذي أشار إلى أن «العقوبات لن تغير التوازن العسكري في أوكرانيا على المدى القريب»، لكنها قد تدفع موسكو إلى مفاضلات صعبة بين الاستقرار الداخلي وتمويل حرب طويلة الأمد.
ارتدادات دولية.. الصين والهند في مرمى الضغط
العقوبات لا تقتصر على الداخل الروسي، بل تمتد إلى أبرز شركاء روسيا التجاريين، وعلى رأسهم الصين والهند، فبحسب «بي بي سي»، اشترت الصين العام الماضي أكثر من 100 مليون طن من النفط الروسي، فيما ارتفعت واردات الهند إلى نحو 140 مليار دولار منذ عام 2022.
وقد حث ترامب هذه الدول على وقف التعامل مع النفط الروسي، ملوّحاً بعقوبات ثانوية قد تطول البنوك الصينية والمصافي الهندية.
وقال إدوارد فيشمان، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، إن «فعالية العقوبات ستعتمد على مدى استعداد واشنطن لتهديد المتعاملين الدوليين بعقوبات ثانوية».
وقد بدأت شركات هندية بالفعل بمراجعة عقودها، فيما أعلنت شركة «ريلاينس»، أكبر مشترٍ للنفط الروسي في الهند، أنها تعيد تقييم وارداتها من موسكو، وفقاً لما نقلته وكالة رويترز.
أسعار النفط.. ارتفاع مؤقت أم بداية أزمة؟
وأدى إعلان العقوبات إلى ارتفاع أسعار النفط عالمياً بنسبة 5%، بحسب مؤشر «برنت»، وهو ما يفوق الزيادة التي سجلها السوق بعد العقوبات البريطانية الأسبوع الماضي «1.6%»، ورغم تحذيرات السفارة الروسية في لندن من اضطراب الإمدادات، يرى الدكتور رولّو في حديثه لـ «بي بي سي» أن «الارتفاع الحالي لن يستمر طويلاً، ما لم تُفرض قيود صارمة على الشحن والتمويل المرتبط بالشركات المستهدفة».
خلاصة المشهد
ويخلص تقرير «بي بي سي» بخلاصة مفادها أن العقوبات الأمريكية على قطاع النفط الروسي تمثل ضغطاً اقتصادياً مباشراً على الكرملين، لكنها لا تضمن تغييراً فورياً في مسار الحرب، وبينما تراهن واشنطن على تأثيرات طويلة الأمد، يبقى مستقبل النزاع مرهوناً بتوازن دقيق بين الدبلوماسية والردع الاقتصادي.