الحرية – عمار الصبح:
تتجه الأنظار إلى العاصمة السعودية الرياض اليوم، حيث يشارك السيد الرئيس أحمد الشرع في النسخة التاسعة من “مبادرة مستقبل الاستثمار 2025″ (FII)، بدعوة رسمية من المملكة العربية السعودية، التي تستضيف الحدث بين 27 إلى 30 من الشهر الجاري.
وحسب تأكيدات المراقبين والمهتمين بالشأن الاقتصادي، فلن تكون مشاركة سوريا في هذه المبادرة رمزية فحسب، بل ستكون مشاركة فاعلة، تعبّر عن ثقة متزايدة من المجتمع الدولي بالاقتصاد السوري الذي بدأ يستعيد حيويته، وهو ما يعزز دوره كشريك إقليمي في القضايا التنموية والاقتصادية، و بالتالي فإن هذه المشاركة تشكل خطوة عملية في طريق الاندماج السياسي والاقتصادي لسوريا مع محيطها الإقليمي والدولي.
ويرى الخبير التنموي معتصم عبد الله أن المشاركة السورية في أعمال المبادرة، تعد خطوة استراتيجية تحمل دلالات مهمة على المستويين السياسي والاقتصادي، إذ تعلن سوريا من خلالها عودتها كحاضر فاعل في المنصات الإقليمية والدولية التي تعنى بالاقتصاد العالمي ورسم مساراته وملامحه، وكشريك في مسيرة التنمية الإقليمية والدولية.
وأشار عبد الله في حديثه لـ”الحرية” إلى أن البروتوكول المعلن يتضمن عقد اجتماع رفيع المستوى بين السيد الرئيس أحمد الشرع وبين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، كما يتضمن أيضاً، اجتماعات مع كبرى الشركات الاستثمارية والمؤسسات الاقتصادية العالمية، ما يعطي للمشاركة السورية ثِقلاً ووزناً أكبر، وهذا يشكل فرصة ثمينة لجذب رؤوس الأموال والمشروعات النوعية إلى الداخل السوري، بما يصبّ في مسار إعادة الإعمار وتحريك عجلة التنمية.
وذكر الخبير التنموي إن المملكة العربية السعودية تعد الشريك الاقتصادي والإقليمي الأبرز لسوريا الجديدة، وقد كانت من أوائل الدول التي عقدت اتفاقيات ومذكرات تفاهم اقتصادية معها، ومن المتوقع أن يجري خلال أيام هذه المبادرة، الاتفاق على نقل التعاون الاستثماري المشترك من مرحلة التفاهمات إلى التنفيذ الفعلي، وتحويل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المعلنة إلى مشاريع قيد التنفيذ، خصوصاً وأننا نتحدث عن استثمارات بقيمة تفوق 6 مليارات دولار، ويرتقب أن تتوجه هذه الاستثمارات نحو العديد من القطاعات الحيوية كما هو معلن، لافتاً إلى أن هذه الاتفاقيات من شأنها أن تعزز بناء شراكة استثمارية مستدامة تحقق مصالح البلدين، وتدفع نحو مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي في المنطقة.
سوريا وجهة واعدة للاستثمار
من جهته أكد الصناعي رضوان السعدي أن المشاركة السورية رفيعة المستوى في هذا الحدث الاقتصادي المهم، تأتي ترجمة لحرص الحكومة السورية على فتح قنوات اتصال مباشرة مع مراكز المال العالمية، وتعكس صورة سوريا الجديدة كشريك فاعل في مسار التنمية والتكامل الاقتصادي الإقليمي.
وقال: إن المشاركة في مبادرة مستقبل الاستثمار، تشكل فرصة استراتيجية لسوريا كي تُقدّم نفسها مجدداً كوجهة واعدة للاستثمار، ومركزٍ للإنتاج والإبداع الإقليمي، وخاصة في مجالات إعادة الإعمار والبنى التحتية، مبيناً أن الشركات العالمية تولي ولا شك اهتماماً واضحاً بالفرص الاستثمارية الواعدة في سوريا، وبالتالي ستشكل المشاركة في المبادرة فرصة مناسبة لتعريف المستثمرين وكبريات الشركات العالمية بواقع الاقتصاد السوري وميزاته ونقاط قوته.
وأوضح أنه، وخلال سنوات مضت من حكم النظام البائد، عاشت سوريا حالة من العزلة عن الأسواق الاقتصادية العالمية، وظلت بعيدة عن أحدث التقنيات والتكنولوجيا العالمية وتحولات الاقتصاد الرقمي الذي يحتاجه الاقتصاد السوري في المرحلة القادمة، خصوصاً وأن سوريا الجديدة تتبنى البنية التحتية الذكية والحكومة الرقمية والتكامل الإقليمي، ما يؤسس لشراكات جديدة ومشروعات حقيقية مع كبريات الشركات العالمية الرائدة والمؤسسات المالية الكبرى، لبناء مسارات استثمارية في العديد من قطاعات الاقتصاد السوري ومنها الصناعة.
واختتم الصناعي بالقول: إن “مبادرة مستقبل الاستثمار 2025” ستشكل منصةً للاستثمارات الخارجية التي تتطلع للتعرف على السوق السورية عن كثب، كما إنها ستكون فيما بعد منصة لتعزيز التبادل التجاري والاستثماري، ونافذة للصناعيين ورجال الأعمال السوريين على الأسواق العالمية.
وانطلقت أعمال مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في نسخته التاسعة في العاصمة السعودية بالرياض يوم أمس، ويستمر لمدة أربعة أيام، بمشاركة زعماء ورؤساء دول وكبار المستثمرين وصناع القرار تحت شعار مفتاح الازدهار.
ومن المتوقع أن يستقطب أكثر من 8 آلاف مشارك، و650 متحدثاً بارزاً من خلال 250 جلسة حوارية بهدف استثمار الإمكانات التقنية والاقتصادية في بناء مستقبل مزدهر ومستدام للإنسانية.