عين شقاق تتفتح بالورود… قصة نجاح زراعي تلهم التنمية في سوريا

الحرية- لوريس عمران:

تشهد منطقة عين شقاق السورية ثورة هادئة في إنتاج الورود، محققةً عوائد اقتصادية مجزية ومُشَرِّعةً آفاقاً جديدة للتنمية المحلية. فقد نجح عدد من المزارعين في القرى المحيطة بمدينة جبلة بالانتقال من الزراعات التقليدية إلى زراعة الورود المتنوعة ضمن البيوت البلاستيكية، ليصبح هذا القطاع نموذجاً رائداً للاقتصاد المستدام.

تحوّل مثمر وعوائد مجزية

لم تعد حقول عين شقاق تقتصر على الخضراوات ذات العوائد المحدودة. يقول أبو علي أحد المزارعين لـ(الحرية) بعد تجارب ناجحة لزراعة الورود في عدة مناطق، قررنا المخاطرة، والحمد لله، كان القرار صائباً. وتتميز زراعة الورود في البيوت البلاستيكية بدورة إنتاجية سريعة كل ثلاثة أشهر، ما يضمن تدفقاً مستمراً للدخل.
وتؤكد أم أحمد، مزارعة أخرى أن معظم الإنتاج يذهب مباشرة إلى بائعي الزهور في المدن الكبرى للمناسبات والأعراس، كما نوفر الورود المجففة للعطارين، ما يفتح سوقاً إضافياً لنا.

حيث أصبحت ورود عين شقاق مرادفاً للجودة. يقول بسام، صاحب محل زهور في جبلة إن الورود تصلنا طازجة وبجودة عالية، وهو أمر حيوي لعملنا، والطلب لا يتوقف، خاصة في مواسم الأعياد والأفراح.
ويضيف عمر، بائع زهور آخر، إن التنوع الكبير في الأصناف يسمح بتلبية كافة الأذواق والميزانيات، مع ضمان أسعار عادلة بفضل التعامل المباشر مع المزارعين.

يعد علاجياً وتراثياً

يتجاوز تأثير الورود الطازجة ليشمل سوق الورود المجففة والأعشاب الطبية. يقول أبو فراس عطار معروف: نعتمد بشكل كبير على الورود المجففة من عين شقاق في الخلطات العشبية والعطور الطبيعية وماء الورد. مؤكداً جودتها العالية وقدرتها على الاحتفاظ بخصائصها ورائحتها.

نموذج للتنمية المستدامة

تعتبر الدكتورة ريم العلي، أستاذة في كلية الزراعة بجامعة اللاذقية أن هذا التحول يعد نموذجاً يحتذى به في التنمية الزراعية ، وتوضح أن زراعة الورود في البيوت البلاستيكية تتيح التحكم في الظروف البيئية، ما يقلل المخاطر ويضمن جودة عالية وإنتاجاً مستمراً.

وتؤكد الدكتورة العلي أهمية الدعم الفني والتدريب المستمر للمزارعين، مشيرة إلى أن هذا النموذج يمكن أن يكون حلاً للعديد من المناطق الريفية الباحثة عن بدائل اقتصادية للزراعات التقليدية.

تتواصل قصة ازدهار الورود في عين شقاق، مزيجاً من الإصرار الفردي والرؤية المجتمعية، لتشكل بصيص أمل في تحقيق التنمية المستدامة وتنويع مصادر الدخل في القرى السورية، وتلهم مناطق أخرى لتتبع خطا مزارعيها.