غزة الجريحة.. بأي حال عدت يا عيد؟!!

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- سامر اللمع:
يحل يوم غد الجمعة 6 حزيران 2025 على الأمة الإسلامية, عيد الأضحى المبارك, وهو العيد الرابع الذي يأتي على غزة منذ بدء حرب الإبادة التي تشنها “إسرائيل” على القطاع المنكوب منذ السابع من تشرين الأول 2023.
تفاصيل هذا العيد تبدو أكثر قسوة في ظل استمرار آلة القتل والدمار الإسرائيلية في حصد أرواح الغزاويين مترافقة مع سياسة التجويع الممنهج التي باتت تتساوى في شدتها بالقتل مع قذائف دبابات الميركافا وصواريخ المسيّرات الصهيونية.

ففي اليوم الثمانين لاستئناف “إسرائيل” للحرب بعد هدنة هشة, واصلت طائرات الاحتلال الإسرائيلي قصفها لمختلف مناطق قطاع غزة مخلفة أعداداً كبيرة من الشهداء والجرحى.

وحسب مصادر طبية فقد ارتقى ٦٢ شهيداً منذ فجر أمس الأربعاء وحتى صبيحة اليوم الخميس, لترتفع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى ٥٤٦٠٧ شهداء و ١٢٥٣٤١ مصاباً منذ السابع من تشرين الأول للعام ٢٠٢٣.

وبموازاة القصف الهمجي لآلة الحرب الإسرائيلية, واصلت “إسرائيل” سياسة منع وصول المساعدات الغذائية لأهل غزة حيث تعرضت صباح اليوم الخميس, قافلة مساعدات إنسانية تكونت من نحو خمسين شاحنة، إلى عدة كمائن في مواقع متفرقة داخل مدينة دير البلح, تخللها إطلاق النار بشكل مباشر على السائقين والشاحنات، ما أدى إلى استشهاد عدد من السائقين، وإصابة وخطف آخرين. ما دفع جمعية النقل الخاص والمقاولين العاملين مع المؤسسات الدولية لتعليق العمل بشكل كامل لجميع الشاحنات العاملة في نقل المساعدات الإنسانية ابتداءً من صباح اليوم وحتى إشعار آخر، حفاظًا على أرواح السائقين وسلامة الممتلكات.

ووجهت الجمعية دعوة عاجلة للمجتمع الدولي، والأمم المتحدة، وكافة الجهات المعنية، لتحمّل مسؤولياتهم في ضمان الحماية الكاملة لسائقي الشاحنات، وتأمين خطوط الإمداد الإغاثي داخل القطاع.

وأوضحت أن هذه الجريمة ليست الأولى، لكنها الأخطر ضمن سلسلة من الاعتداءات المتكررة التي تستهدف عمليات الإغاثة، وتعرقل وصول المساعدات إلى مئات الآلاف من المواطنين الذين يواجهون ظروفاً إنسانية قاسية.

وبينما تتواصل مظاهر المجاعة والقتل العشوائي في القطاع, يستمر الفشل الدولي في وضع حد للعربدة الإسرائيلية, حيث فشل مجلس الأمن الدولي، مساء أمس, الأربعاء، في اعتماد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد استخدام الولايات المتحدة حق النقض “فيتو”.

وتقدمت بمشروع القرار الدول العشر غير دائمة العضوية في المجلس (الجزائر، الدنمارك، اليونان، غيانا، باكستان، بنما، جمهورية كوريا، سيراليون، سلوفينيا، الصومال). وصوتت لصالح مشروع القرار 14 دولة، وأسقطته الولايات المتحدة باستخدامها حق النقض “فيتو”.

العيد في غزة بات ذكرى حزينة، والأطفال الذين كانوا ينتظرونه بملابس جديدة وألعاب ملونة، يقضونه اليوم بين الركام أو في مخيمات النزوح، يبحثون عن حياة سلبتها الحرب.

في الشوارع، التي كانت تعج بألعاب الأطفال وبزينة العيد، لا يُرى اليوم سوى الدمار والأنقاض, أما الأسواق التي كانت تضج بالحياة، فتحولت إلى أطلال، والمتاجر إما مدمرة أو خاوية بفعل الحصار.

في غزة، حيث كان العيد يُستقبل بالكعك والحلوى والفاكهة، بات الحصول على رغيف الخبز معركة يومية، في حين أن نقص الغذاء والماء جعل حتى أبسط مظاهر العيد ترفاً بعيد المنال, فالجوع والبحث عن الفتات من الطعام هو الذي يسيطر اليوم على شوارع غزة، ولم يبقَ لأهلها سوى ممارسة طقوس العبادة الفردية التي لا يمكن للاحتلال الإسرائيلي منعها عنهم كالصيام والتسبيح والاستغفار.

ولم يعد العيد في غزة مناسبة للفرح، بل صار جرحاً مفتوحاً يذكّر أهلها بكل من فقدوه, ومع كل قصف جديد، ومع كل شهيد يسقط، يزداد الألم والحزن والفقد، ولسان حال أهل غزة يقول: بأي حال عدت يا عيد, لكن يبقى الأمل بأن تنتهي هذه الحرب يوماً، ليعود العيد محمّلًا بالفرح الحقيقي، لا بوجع الفقد والنزوح.

Leave a Comment
آخر الأخبار