الحرية- موسى الأسعد:
في عام 2020، بعد انتخاب الرئيس جو بايدن بعد أربع سنوات من حكم ترامب، تنفست الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الصعداء عندما أعلن بايدن أن “أمريكا عادت” وبهذا، سعى بايدن إلى توضيح أن الولايات المتحدة كانت تعود لتبني المبادئ التي وجهت سياستها الخارجية والأمنية في العقود التي تلت نهاية الحرب العالمية الثانية- العودة إلى النظام الليبرالي، وتوسيع دائرة الديمقراطيات، أهمية التحالفات، ودعم المؤسسات الدولية، وأكثر من ذلك، تمثل عودة ترامب إلى البيت الأبيض تحولاً نموذجياً في سلوك الولايات المتحدة، وبالتالي أيضاً في العلاقات عبر الأطلسي
في الواقع، نحن نشهد صداماً «أيديولوجياً» بين وجهتي نظر عالميتين فيما يتعلق بطبيعة العلاقات الدولية، وبينما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى الحفاظ على النظام الدولي الليبرالي، والذي يتضمن الحفاظ على المؤسسات الدولية القائمة والمعايير التي توجه السلوك الدولي، يرى ترامب نفسه ملتزماً بأي شيء باستثناء المهمة الطموحة التي حددها لنفسه ــ استعادة عظمة أميركا، وفي نظره، لتحقيق هذا الهدف، فإن كل الوسائل مشروعة، بما في ذلك تدمير النظام القائم، واستخدام القوة إذا لزم الأمر، بكل ما يترتب على ذلك.
في النظام العالمي الذي سيساهم ترامب في تشكيله ــنظام قائم على توازن القوى بين القوى العظمى، والقوة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية، والتقسيم المحتمل إلى مناطق النفوذــ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (والاتحاد الأوروبي كمؤسسة) يجدون أنفسهم في وضع غير مؤات، وبعيداً عن الخلافات حول كيفية الرد على سياسات ترامب المتوقعة وكل ما يمثله، فإن الفجوات التكنولوجية والاقتصادية تعمل على تقليص قدرة الاتحاد الأوروبي على المساومة مع الولايات المتحدة ، ويضاف إلى هذا اعتماد أوروبا على المساعدة الأميركية لتحقيق أمنها.
وفي ظل هذا الوضع، سوف يكون لزاماً على الاتحاد الأوروبي أن يتكيف مع القواعد الجديدة للعبة التي يجري تشكيلها حالياً، لذلك، ومن أجل تجنب تهديدات ترامب المختلفة (الرسوم الجمركية وخفض الدعم الأمني)، سيتعين على الاتحاد الأوروبي – الذي لا يسعى إلى المواجهة – أن يساهم بحصته بطريقة تلبي على الأقل بعض مطالب الرئيس الأمريكي، وهي مَهَمة مُهمة، ليس بالأمر السهل نظرا لعدم وجود وحدة بين الدول الأعضاء، وربما يصب هذا الوضع في مصلحة ترامب، إذ سيسعى جاهدا إلى ثنائية العلاقات مع الدول التي توافق على شروطه.
وفي الختام، فإن فترة انتقالية صعبة تنتظر الاتحاد الأوروبي، الذي فشل في الاستفادة من نداء الاستيقاظ الذي تلقاه للاستعداد بشكل صحيح لعصر ترامب الثاني.
فترة انتقالية صعبة: العالم و الاتحاد الأوروبي في عهد ترامب الثاني

Leave a Comment
Leave a Comment