الحرية- يسرى المصري:
يرفع السوريون سقف تطلعات عالٍ من الحكومة المؤقتة المرتقب تشكيلها.. والتي يتم استدعاء الكثير من الشخصيات الوطنية المرموقة ومن رجال الأعمال والمستثمرين السوريين المبدعين للمشاركة فيها.. وبينما العين على الأمن والأمان كمطلب وضامن للانطلاق في إعادة الاعمار.. يبقى الخروج من عنق الأزمات التحدي الأكبر.
والسؤال في الخفاء والعلن.. هل توجد فرص كافية لنجاح مهمة الحكومة أمام هذا الكم من التحديات والضغوطات الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية..؟
الإجابة تتوقف على عوامل عدة فالشخصيات المطلوبة لتسلم الوزارات سيكون أمامها مسؤولية إعادة بناء سورية وهذا يتطلب جهداً وكفاءةً حقيقيةً وقدرةً على العمل في أجواء وظروف صعبة.. والمناصب لن تكون شرفيةً وإنما هي وطنية بامتياز وتحتاج إلى قدرات وكفاءات تؤمن بالبلد، فمشروع إعادة الإعمار على سبيل المثال ورغم كل الإشكالات توجد فيه فرص حقيقية للنجاح من خلال العمالة الرخيصة والحوافز الضريبية المعقولة وجذب العديد من الشركات الكبيرة والمتوسطة إلى البلاد، واستغلال ما يتوفر من موارد في التأسيس والتطوير العقاري وتطوير البنية التحتية للدولة وخصوصاً سككهاالحديدية.
وسوريا الدولة التي تمتد الى سبعة آلاف سنة من الحضارة لم ولن تخلُ من فرص حقيقية أبرزها أن التغيرات الكثيرة التي حملتها الثورة السورية فتحت المجال أمام تقدم كبير في مجال السفر الجوي والاتصالات، وبالتالي انفتاح الحدود في جميع أنحاءالعالم بشكل تدريجي، وهو ما تحاول الإدارة السورية الاستفادة منه بأقصى قدر ممكن.
وحسب الخطط المعلنة سيتم تحديث وإنشاء موانئ ومطارات، وتحرص الإدارة السورية على تطوير المناهج لحصول الطلاب على مستويات عالية من التعليم، فضلاً عن الاستثمار بكثافة في البنية التعليمية المدمرة وتنفيذ التعليم الإلزامي والمهني وربطه مع سوق العمل من أجل تأمين مستقبل القوى العاملة.
وحسب الإعلان الدستوري ومخرجات الحوار الوطني سيتم استغلال كل الفرص الاستثمارية الممكنة في قطاع التصنيع، وبناء مجمعات صناعية كبرى، وتقديم حوافز ضريبية للمستثمرين المحليين والعرب والأجانب، ولاحقاً سيتم الاهتمام بالتصدير.. تصدير كل شيء تقريباً، بما في ذلك زيت الزيتون والمواد الغذائية والمنسوجات ولعب الأطفال، والمنتجات البلاستيكية، وصولاً الى التكنولوجيا.
أضف الى ذلك لدى سورية بورصة وسوق أوراق مالية واعدة من المنطقي أن تحاول التركيز على الخدمات المالية، وهو نفس النهج الذي اتبعته سنغافورة الدولة الصغيرة جداً من حيث المساحة لتصبح من المراكز المالية الأكثر نفوذاً في العالم.
هذه الفرص تحتاج إلى وزراء وطنيين ولديهم تجارب ناجحة ويفكرون من خارج الصندوق ويستحقون بامتياز أن تترك أعمالهم بصمات لا تمحى من ذاكرة وتاريخ سوريا والخروج من أزمة سوريا الاقتصادية والمالية.
لا نقول أن الأمور في حال جيد وكما هو معلوم هناك عوامل موضوعية وملفات كبيرة يُنتظر أن تواجهها الحكومة المؤقتة، والتي تمس معيشة ملايين السوريين.
لكن بحسب الإعلان الدستوري سيكون تعامل الوزراء بشكل مباشر مع رئيس الجمهورية مما يساعد على السرعة في تنفيذ المشاريع واتخاذ الإجراءات المطلوبة، وسيتم منح الوزراء صلاحيات واسعة تمكنهم من تنفيذ برامجهم التطويرية.
وتبقى الحكومة المرتقبة من الداخل والخارج محط الأنظار والاهتمام ولا سيما تمثيلها لكل شرائح المجتمع السوري مما يعزز الوحدة الوطنية ويعزز الثقة.
وبالخطف خلفاً نجد تراكم ملفات كبيرة تمس معيشة ملايين السوريين أبرزها تفاقم المصاعب الاقتصادية وتبعات الحرب، وخروج القطاعات المنتجة بمعظمها عن الدوران، واتساع شريحة الفقر حسب ما تؤكده بيانات وتقارير وكالات ومؤسسات الأمم المتحدة التي قدرت مستوى الفقر بأكثر من 90% من السوريين، وهو مؤشر يمكن تتبعه بسهولة في الشارع السوري، أو من خلال مقارنة قيمة الأجور الشهرية التي لا تتجاوز 400 ألف ليرة وسطياً للموظف، وحاجته إلى أضعاف ذلك المبلغ لتأمين أبسط أساسيات معيشته!، وعناوين تتصل بفرص العمل وعودة اللاجئين والمهجرين وصولاً إلى الالتفات إلى تطوير التعليم بشقيه الجامعي وقبل الجامعي بعد تراجع حاد أصاب العملية التعليمية ومغادرة آلاف الكوادر التعليمية والمهنية التي تحتاجها تلك العملية.
أضف الى ذلك ضرب الفساد، وقد بات يشكل تحدياً هائلاً أمام النهوض الاقتصادي والخدمي، وإيجاد مقاربات واقعية لتحسين المناخ الاستثماري بعيداً عن العقوبات التي ما تزال تمنع دخول الاستثمارات والأموال الراغبة بالعمل في سوريا.
ربما تكون الخيارات صعبة، ولكن وراء الكواليس، هناك عوامل قادرة على النهوض بسوريا والتحول من تصنيف الدول الضعيفة إلى دول حققت معجزة اقتصادية والأمثلة كثيرة وأهمها “الحكم الرشيد”، حيث كانت أولوية الحكومات مكافحة الفساد من خلال فرض تدابير تنظيمية صارمة.
ونقول الأزمات لن تستمر وهناك أراء تشير إلى أن نجاح سوريا وازدهارها قادم لا محالة ويرجع ذلك إلى وجودها في المكان وفي الوقت المناسب، حيث انتهت الحرب، بينما تبحث العولمة عن مركز استثماري جديد.
فرص الحكومة أم حكومة الفرص

Leave a Comment
Leave a Comment