الحرية- سراب علي:
أثبتت فعالية “خيوط السلام” التي انطلقت تحت شعار “الأكل جاهز والقلوب مفتوحة” أن الحوار يمكن أن يُطهى كما يُطهى الطعام بالحب.
انطلقت الفعالية في سوق الضيعة بحديقة السلطان في مدينة اللاذقية، لتواصل نشاطها في منطقة الزراعة على مدى ست ساعات، مقدّمة نموذجاً فريداً يجمع بين الفن والطعام والحوار في تجربة ثقافية اجتماعية تهدف إلى إعادة بناء الجسور بين أبناء المجتمع السوري.
توضح الأستاذة الجامعية ندى منزلجي، منظمة الفعالية، أن السلام لا يُكتب على الورق ولا يُرفع شعاراً فقط، بل يُصنع من خلال اللقاءات الصادقة بين الناس، حيث يتحاورون دون خوف أو أحكام مسبقة. ومن هنا جاءت فكرة “خيوط السلام”: تحويل الطهي المشترك إلى مساحة مفتوحة للتلاقي وتبادل القصص والذكريات.

تقول منزلجي: “من شعارنا ومن قال “إن السلام ما بينطبخ؟”.. بدأنا لنؤكد أن السلام ممارسة يومية تُزرع بالحوار وتُرعى باللقاء”.
كل طبق طُهي في هذه المبادرة وكل كلمة قيلت في الجلسات كانت خيطاً جديداً يُضاف إلى نسيج واحد اسمه السلام.
مطبخ مفتوح يروي الحكايات
من أبرز محاور فعالية “خيوط السلام” كان المطبخ المفتوح الذي جمع ثمانية أطباق من مناطق سورية متعددة — من الرمل الجنوبي إلى حي الصليبة، ومن كسب إلى بسنادا، مروراً بجبلة ووصولًا إلى إدلب الخضراء.
امتزجت النكهات كما امتزجت القصص والتجارب، فكل طبق حمل ذاكرة مكان، وكل نكهة روت جانباً من الهوية السورية المتنوعة.
توضح منزلجي أن الطعام لم يكن غاية، بل وسيلة للتقارب الإنساني، إذ امتدت الأحاديث بين المشاركين تماماً كما امتدت الموائد العامرة بالمحبة.
جلسات رسمت ملامح المستقبل
لم يقتصر النشاط على الطبخ فحسب، بل تضمنت الفعالية جلسات حوارية تفاعلية تناولت قضايا الهوية والانتماء والمصالحة بعد النزاع. شارك فيها ناشطون وأفراد من المجتمع المدني، مقدّمين رؤيتهم حول السلام والمواطنة والتفاهم المشترك.
وبيّنت منزلجي أن تلك الجلسات كانت مساحة آمنة للتعبير والبوح، ساعدت المشاركين على اكتشاف أن الاختلاف يمكن أن يكون مدخلاً للتفاهم، لا حاجزاً أمامه.
الأكل جاهز والقلوب مفتوحة
بهذا الشعار العميق اختُتمت فعالية “خيوط السلام” التي تركت أثراً دافئاً في قلوب المشاركين.
من مطابخ اللاذقية وحكايات ناسها، خُيطت قصة جديدة تقول إن السلام يبدأ من اللقاء، من كلمة طيبة، ومن مائدة تجمع المختلفين على محبة الحياة.