الحرية-ميمونة العلي:
عقدت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني أولى جلساتها الحوارية في مسرح الثقافة في مدينة حمص بمشاركة شخصيات وفعاليات مجتمعية من أهالي حمص،وتناول المؤتمر محاور عديدة وهي: العدالة الانتقالية كركيزة أساسية لرد الحقوق ومحاسبة المتورطين في تعذيب الشعب السوري وتحقيق التصالح المجتمعي والسلم الأهلي،وتضمن المحور الثاني البناء الدستوري لضمان صياغة دستور يعبر عن تطلعات السوريين،
وإصلاح وبناء المؤسسات لتعزيز كفاءة الحكومة وأجهزة الدولة في المحور الثالث، أما المحور الرابع فناقش قضايا الحريات الشخصية والعامة والحياة السياسية.
وناقش المحور الخامس دور منظمات المجتمع المدني في بناء وتأسيس المرحلة الانتقالية.
صحيفة الحرية كانت هناك ورصدت بعض المشاركات: حيث بيّن مصعب والي من الحقل الإعلامي، في مشاركته أن سورية مهد الحضارة وأن السوريين قادرون على عقد حوارات اقتصادية وسياسية وثقافية واجتراح دستورهم وقوانينهم دون الحاجة إلى تطبيق نماذج مشابهة جاهزة.
وتحدث الدكتور راتب الكنج من جامعة حمص عن الأولوية في مكافحة مختلف أنواع الفساد في الجامعة التي كانت سائدة في زمن النظام البائد،وضرورة أن تكون التعيينات الجديدة بعيداً عن المحسوبيات والمناطقية.
وبين محمد أيوب -الذي عاد من الشمال السوري، حيث اضطر لترك عمله في مصفاة حمص منذ اندلاع الثورة كما ذكر في مقدمة مداخلته – أن أهم النقاط التي جعلت الشعب يقوم بالثورة هو تغول السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية وضرورة فصل السلطات لنصل إلى دولة متقدمة ووضع الأكفأ في المكان المناسب .
ولفت المحامي محمد جاسم إلى أن العدالة الانتقالية تقضي بالنزول إلى أرض الواقع ومعالجة قضايا الناس اليومية، حيث لو سألنا أي شخص اليوم عن مطالبه من الحوار أن يتمكن من تأمين قوت حياته وأن يغلق بابه آمناً.
ونوهت نور الأتاسي بأن يتم تشكيل لجان لمتابعة التقصي حول المغيبين قسراً في سجون النظام البائد ليتمكن ذووهم من معرفة مصيرهم، وأن يتم إصلاح منظومة التعليم بشكل كامل.
ورأى سامح صافي “تاجر” أن مجرمي الحرب ليسوا فقط هم مجرمو الدم، بل هناك مجرمون من التجار، لذلك فإن هناك حاجة لإعادة هيكلة قوانين التجارة والصناعة وأن تتم إزالة المخيمات باستثمار الشقق الفارغة في الإسكان العسكري وفي الجمعيات السكنية.
ورأى الدكتور عبد الإله زعرور الصناعي في مدينة حسياء الصناعية أن هذه الحوارات متنفس حقيقي لكل السوريين، وأن أهم مبدأ في العدالة هو أن المجرم بريء حتى تثبت إدانته، لافتاً إلى أنه تمت مصادرة معامل بعض الصناعيين وتم الحجز على أموالهم، ما اضطرهم لتسريح عمالهم وبالتالي زيادة الفقر.
وبينت إحدى المداخلات ضرورة تعيين أطباء اختصاصيين كفوءين من كل الاختصاصات ليشرفوا على تخصص الأطباء المقيمين .
وأنهى المداخلات رئيس مجلس مديرية الثقافة في حمص الأستاذ محمود جرمشلي، بأن الحضور النوعي والكثيف لأهالي حمص للمشاركة في أولى جلسات الحوار الوطني يعكس رغبة الجميع لإيجاد حلول مستدامة، وأن الحوار منصة لبناء الثقة بين جميع الأطراف والطريق أمامنا ليس سهلاً، ولكن هناك رغبة لدى جميع المتحاورين بالوصول إلى مجتمع سوري قوي.
وفي ختام الجلسة، اكدت عضو لجنة التحضير للحوار الوطني السيدة هدى الأتاسي أن المحاور التي تمت مناقشتها ليست نهائية وباب الحوار يبقى مفتوحاً، وخاصة أن هناك طروحات طالبت بذلك، وهناك فكرة مطروحة بتشكيل لجان للحوار الوطني في كل المحافظات وشكرت جميع المشاركين.
وعلى هامش المؤتمر التقت صحيفة الحرية رئيس الهيئة الوطنية لمحافظة حمص الجديدة الدكتور عبد السلام البيطار المحاضر في كلية السياسة الشرعية، فبين أن الحوار الذي جرى اليوم ناجح وإيجابي جداً لأنه تضمن آراء مختلفة وبسقف مفتوح، منها طالب بالتشدد في تطبيق العدالة الانتقالية ومنها ما طالب بالتساهل في تطبيقها، ورأى أنه بالدرجة الأولى تتحقق العدالة الانتقالية ثم بعد ذلك يتحقق السلم الأهلي ويتحقق بناء الدولة فلا يمكن للدولة أن تقوم إذا لم تتحقق عدالة انتقالية يُحاسب فيها المجرم ويُنصف فيها المظلوم.
وفي تصريح مماثل، بين الدكتور أحمد سيفو المختص بالعدالة الانتقالية في القانون الجنائي الدولي أن العدالة الانتقالية آلية لمساعدة الدولة على الانتقال لتكون دولة ديمقراطية تسودها المساواة بالمواطنة والقانون، ومعناها في اللغة العربية عدالة ما بعد النزاع، وهي منظومة من الآليات القضائية وغير القضائية المتكونة من لجان إجراء المحاكمات ولجان كشف الحقيقة ولجان كشف الضرر وإنصاف الضحايا، إضافة لإصلاح المؤسسات من أجل تحقيق المصالحة، والعدالة الانتقالية ليست قالباً دولياً يُفرض على الدول التي مرت بمراحل انتقالية، ولكن كل دولة لها تجربتها الخاصة بحسب حجم النزاع ونوعه ومدته، مضيفاً: لذلك
أنا مع النهج
الشامل في تطبيق العدالة الانتقالية بالجمع بين المبدأ وبين النهج البراغماتي وعدم التساهل في تطبيق العدالة الانتقالية لأننا مجتمعات ثأرية، لذلك يجب أن يُنصف الضحايا، وأن يُجبر الضرر معنوياً ومادياً ونفسياً، ونريد العدالة وسيادة القانون، فالعدالة الانتقالية برنامج طويل يحتاج إلى وعي ويجب أن تُشكل لجان يدعمها الإعلام في تكريس الوعي عند الناس المتضررين لتوضيح حقوقهم وواجباتهم.