الحرية- حسيبة صالح:
في أوائل نيسان من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للتوحد، وهو مناسبة تهدف إلى رفع مستوى الوعي باضطراب طيف التوحد وتعزيز حقوق الأشخاص المصابين به… هذا اليوم يُسلط الضوء على أهمية فهم التوحد كجزء من التنوع العصبي الذي يُثري المجتمعات، وليس كحالة تستدعي العزل أو التمييز.
ما هو اضطراب طيف التوحد؟
الدكتور والاختصاصي النفسي آدم بصير يتحدث للصحيفة “الحرية”، مبيناً أن طيف التوحد هو اضطراب الذاتوية، أو كما يُعرف باسم اضطراب طيف التوحد (الكلاسيكي) هو خلل في النمو العصبي يؤثر سلباً في طريقة التفاعل المجتمعية سواء كانت لفظية أو غير لفظية ويتميز بسلوكيات متكررة لا إرادية.
أما عن الأسباب التي تؤدي إلى احتمالية الإصابة بالتوحد فيؤكد بصير أنها الإنجاب في عمر كبير، إذ يعتبر تقدم السن لدى الأبوين أحد أهم الأسباب المؤدية لإصابة الطفل بالتوحد، كذلك السمنة الزائدة لدى الأم أثناء فترة حملها، وتناول بعض الأدوية أثناء فترة الحمل، عوامل وراثية، إصابة الأم بعدوى فيروسية خلال فترة الحمل، أيضاً سوء تغذية الطفل ما بعد الولادة للدرجة التي تؤدي إلى انخفاض وزنه بصورة كبيرة.
بصير: التوحد هو اضطراب نمائي يؤثر في التواصل الاجتماعي والسلوكيات ويظهر عادة في مرحلة الطفولة المبكرة
يضيف بصير: يمكن للأهل التعرف على علامات التوحد المبكرة من خلال عدة عوامل أهمها: يرفض أن يحمله أحد أو يحضنه، تفضيله للعب بمفرده من دون مشاركة، التأخر في الكلام، التحدث بطريقة أقرب للإنسان الآلي، تكرار بعض العبارات بصورة لافتة، عدم الاستجابة عند المناداة باسمه، القيام ببعض الحركات المتكررة مثل الدوران حول نفسه أو التأرجح في المكان، القيام بإيذاء نفسه مثل ضرب رأسه بيده أو في الحائط أو أن يعض نفسه.
ولفت بصير إلى وجود درجات للتوحد من ثلاثة مستويات للتوحد، ويعرف كل مستوى بأعراض معينة، فأعراض التوحد الخفيف هي: صعوبة البدء في المحادثات، الحاجة الملحة لاتباع سلوكيات متكررة بطريقة لا إرادية، عدم القدرة من الانتقال بين الأنشطة.
أما التوحد المتوسط فمن أعراضه: ضعف في مهارات التواصل سواء اللفظية أو السلوكية، عدم القدرة على التواصل البصري، التحدث بصوت مختلف عن صوته المعتاد، ردود أفعال مفاجئة وغير مفهومة، صعوبة في التركيز، الشعور بالضيق عند المقاطعة أثناء اللعب أو الكلام.
والمستوى الأخير هو التوحد الشديد، ومن أعراضه: عدم القدرة على التحدث بوضوح والتواصل لفظياً، عدم الاهتمام بالآخرين، القيام بسلوكيات مؤذية للنفس، ويؤكد بصير على الفرق بين التوحد واضطرابات النمو الأخرى، الفرق هو بظهور الأعراض مبكراً، حيث تظهر أعراض التوحد في فترة مبكرة عند عمر السنتين، وأيضاً هناك اختلاف في بعض السلوكيات من أهمها إيذاء النفس وتكرار السلوكيات بصورة غير واعية.
الدعم والعلاج
في السياق يقول بصير عن الأساليب العلاجية لمرضى التوحد: في الحقيقة لا يوجد علاج ملائم لجميع مرضى التوحد، ولكن هناك بعض طرق العلاج التي من شأنها أن تخفف من حدة الأعراض والتعامل معها بصورة أقل حدة منها: العلاج التربوي وتعديل السلوك، علاجات متعلقة بالنطق واللغة، العلاج السلوكي، تحليل السلوك التطبيقي.
وهناك بعض الأدوية التي تساعد مرضى التوحد على الشعور بتحسن منها: المهدئات، أدوية الاكتئاب والقلق، الأدوية المضادة للقلق، ويشير بصير إلى أن للأهل دوراً في دعم أطفالهم المصابين بالتوحد في المنزل، والاستعانة بمختص نفسي، والمشاركة في بعض الدورات التي تقدم علاجات شائعة تعمل على تحليل السلوك التطبيقي وعلاج النطق والعلاج المهني والعلاج السلوكي، تفعيل نظام المكافآت عن طريق مكافأة الطفل عند قيامه بسلوك جيد وأيضاً معاقبته عند قيامه بسلوك غير جيد.
وقال بصير: يجب أن تكون منظماً بطريقة تعاملك مع طفلك، لأن الطفل المصاب بالتوحد غالباً ما يقلد ما يراه من الآخرين، وعليك أن تفهم ما يؤثر في طفلك مثلاً عند قيامه بسلوك سلبي عليك معرفة ما هو السبب وراء ذلك وهذا من شأنه أن يساعدك على حل المشكلات، استخدم الصور بدلاً من الكلام عن طريق الاستعانة ببرنامج الصور، كما أن الأطفال المصابين بالتوحد يميلون للالتزام بروتين معين يومي، لذلك من الضروري العمل بروتين يومي منظم، ويمكن أن يستغرق الأمر بعض الوقت لذلك عليك أن تكون صبوراً في تعاملك مع طفلك المصاب بالتوحد.
ويساعد التدخل المبكر الأطفال المصابين بالتوحد على الدفاع عن أنفسهم، وأيضاً حسن التواصل اللفظي وغير اللفظي وتكوين علاقات اجتماعية والحد من سلوكيات إيذاء النفس، وأيضاً يساعدهم على الاستقلالية.
ويؤكد بصير ينبغي للمجتمع أن يكون أكثر شمولية ودعماً للأفراد المصابين بالتوحد من خلال الحد من التنمر، إذ إن المصابين بالتوحد أكثر عرضة للتنمر من المجتمع سواء في العمل أو المدرسة، وهذا من شأنه أن يجعل الطفل أكثر عزلة وعدائية.
كما تجب توعية الناس حول اضطراب طيف التوحد وتشجيعهم على القبول والدعم لهؤلاء الأفراد وأيضاً دعم عائلاتهم، توفير فرص عمل مناسبة لهؤلاء الأشخاص بحيث تساعد على دمجهم في المجتمع، وتقديم الدعم النفسي والعاطفي لمساعدتهم على الخروج من حالات الحزن والاكتئاب التي يعيشون فيها وذلك باستخدام التعزيز الإيجابي والبحث عن نقاط قوتهم واستثمارها في ما يفيد، تشجيع اللعب الجماعي من خلال بعض الجمل مثل (دعونا نلعب.. هيا نلعب)، توفير خدمات صحية لهم وتلبية جميع احتياجاتهم الصحية، خاصة أنهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض من غيرهم.
وأضاف بصير: انتقي كلماتك عند الحديث مع الأطفال ذوي التوحد لأن أي كلمة يمكن أن تؤثر في نفسيتهم بصورة كبيرة، التوحد هو اضطراب نمائي يؤثر في التواصل الاجتماعي والسلوكيات، ويظهر عادة في مرحلة الطفولة المبكرة. يتميز بوجود صعوبات في التفاعل الاجتماعي، واتباع أنماط سلوكية متكررة، وحساسية مفرطة تجاه بعض المؤثرات البيئية.
أهداف اليوم العالمي للتوحد
وبيّن بصير أن أهداف اليوم العالمي للتوحد، رفع الوعي من خلال تعزيز فهم المجتمع للتوحد واحتياجات المصابين به، والدعوة للدمج عن طريق التأكيد على أهمية دمج الأشخاص المصابين بالتوحد في التعليم والعمل والحياة الاجتماعية، ودعم الأسر عبر تقديم الدعم للأسر التي تعيش مع أطفال مصابين بالتوحد، ومساعدتهم على التعامل مع التحديات اليومية.
التحديات والفرص
رغم التقدم في التشخيص والتوعية، لا يزال الأشخاص المصابون بالتوحد يواجهون تحديات كبيرة، مثل نقص الخدمات المناسبة وصعوبة الحصول على فرص تعليمية وعملية. ومع ذلك، فإن التقدم في التكنولوجيا والتعليم الشامل يفتح أبواباً جديدة لدعمهم وتمكينهم.
وختم بصير: هذا اليوم ليس مجرد احتفالية، بل دعوة للعمل المستمر نحو بناء مجتمعات شاملة تُقدر التنوع العصبي وتوفر فرصاً متساوية للجميع. من خلال التعاون بين الحكومات، المؤسسات، والأفراد، يمكننا تحقيق تغيير حقيقي يُحدث فرقاً في حياة المصابين بالتوحد.