الحرية – ميمونة العلي:
كشف رئيس مؤسسة العزم للريادة والتنمية، الدكتور عبد الناصر الشيخ فتوح، في مستهل ورشة الحوار المقامة بمناسبة اليوم العالمي لمنع الانتحار، في مقر المؤسسة بمدينة حمص ظهر اليوم، عن ضرورة تشخيص ظاهرة الانتحار وتطويقها قبل أن تنمو مخالبها وتلتهم الفئات الهشّة في المجتمعات التي تعاني من الأزمات والحروب، خاصة بين فئة الشباب.
وبيّن أنها ظاهرة دخيلة على مجتمعاتنا، تحدّ من تعافي المجتمع، وتكرّس ضعفه وتخلّفه، موضحاً أن مؤسسة العزم والريادة تهتم بتأهيل الشباب لصياغة مستقبل أفضل يرتكز على أرض صلبة، ويعزز قيم العمل والحياة والكرامة.
بدوره، كشف المحاضر استشاري العلاج النفسي، الدكتور عبد الفتاح الحميدي، القادم من محافظة الرقة، خلال محاضرته، أنه بحسب تقارير منظمة الصحة العالمية، هناك شخص يموت منتحراً كل ٤٠ ثانية في العالم.
وبيّن أن مجتمعاتنا أثبتت صلابتها وقوتها في مواجهة أعتى الضغوطات، كاشفاً عن عدم وجود إحصائيات دقيقة عن الانتحار في المجتمع السوري والعربي ككل، لأن البعض لا يعترف بالحقيقة خشية نظرة المجتمع.
وأوضح أن الانتحار ليس حكراً على المجتمعات الفقيرة، بل على العكس، تشير إحصاءات الصحة العالمية إلى انتشاره في البيئات الغنية مادياً أكثر من الفقيرة، وتزداد نسبته بين الفئات العمرية من ١٦ إلى ١٩ عاماً.
استعرض الدكتور الحميدي الأسباب النفسية والاجتماعية التي تدفع الأشخاص إلى التفكير بالانتحار، مسلطاً الضوء على ارتباط المخدرات بكل أنواعها بالانتحار، بما فيها المخدرات الرقمية.
وبيّن مجموعة من العلامات والاضطرابات التي تشير إلى أن الشخص يفكر بالانتحار الاكتئاب، والتوتر، والاضطرابات النفسية العصابية والعقلية، مؤكداً وجوب تقديم العلاج من قبل المحيطين به قبل أن يصل إلى عتبة الانفجار.
كما استعرض دور الضغوط المجتمعية والمادية والاقتصادية التي تعزز شعور الفرد بوجوب التخلص منها، فتظهر عليه اضطرابات سلوكية مثل قلة النوم أو كثرته، وقلة الشهية أو فرطها، وصولاً إلى العزلة والاكتئاب.
وأسهب المحاضر في شرح أساليب الدعم والوقاية والعلاج، من خلال وضع استراتيجيات للتدخل المبكر، وتوضيح دور الأسرة والمجتمع، وأهمية الدعم النفسي عبر تشجيع الأشخاص المهددين بالانتحار وتعزيزهم برسائل مبطنة لا تشير إلى مرضهم، وصولاً إلى ترسيخ قناعة بأن “الإنسان وُجد ليصنع الفرق”، وهذا هو معنى الحياة.
وبيّن أنه يستخدم العلاج بالمعنى في كثير من الحالات، حيث يستوجب تعزيز معنى الحياة والوجود، ومحاربة العبثية واللاجدوى، ووضع استراتيجية علاج نفسي وجسدي ثم مجتمعي.
وأشار إلى أن أحد جوانب تعزيز الشفاء هو محاربة البطالة وتحسين الوضع المالي، وأنهى الدكتور الحميدي محاضرته بمجموعة من التوصيات، منها الدعوة لتبني برامج وطنية للتوعية، وتفعيل خدمات الدعم النفسي المتخصصة.
وأوضح أن هدف الورشة هو التأكيد على أن الانتحار ليس حلاً، وأن الحل الحقيقي يكمن في الإيمان بأن الحياة جديرة بأن تُعاش بحلوها ومرّها، مبيناً دور التكاتف المجتمعي في التدخل العلاجي قبل الوصول إلى عتبة الانفجار، فالحياة تستحق أن نعطيها فرصة أخرى.
الجدير بالذكر أن المحاضرة ألقت حجراً كبيراً في بركة الحمامصة، المشتهرين بروح الدعابة، فطرحوا أسئلة هادفة، ولخّصوا العلاج بأن الحمامصة، كإخوتهم السوريين، يحبون الحياة… إذا ما استطعنا إليها سبيلاً.