الحرية – علام العبد:
نظم مجلس مدينة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي حملة لتنظيف لمجرى نهر العاصي، وذلك بالتعاون مع فرق الدفاع المدني وبإشراف وتوجيه من إدارة منطقة جسر الشغور، وقد جاءت حملة التنظيف هذه عقب الجفاف الذي يتعرض له النهر في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ النهر نتيجة شح الأمطار خلال الموسم الماضي، وهدفت الحملة إلى إزالة التراكمات والنفايات من مجرى النهر ، ما يسهم في تحسين الواقع البيئي ويهيّئ النهر لاستيعاب أي تدفق مائي مستقبلاً.
المهندس البيئي مصعب شحود شدد على أهمية المبادرة التي قامت بها بلدية جسر الشغور، لافتاً إلى تأثير الأزمة الاقتصادية على الوضع البيئي، وقال:”علينا حماية البيئة واعتبارها من صميم العمل التنموي ما له دور في تحسين السياحة والاقتصاد والزراعة”، مشدداً على أن “البيئة هي أساس التنمية”.
وتابع قائلاً لصحيفتنا ” الحرية” :”نتيجة سنوات الحرب تعرض النهر للاهمال والتلوث وتمت اليوم مناقشة هذا الموضوع مع محافظة إدلب وإدارة منطقة جسر الشغور والإدارات المعنية، وبدءاً من عملية رفع التلوث التي تطول العاصي ضمن الأراضي السورية، ونحن نسعى مع إدارة المنطقة والمحافظة لتوسيع هذا العمل ليشمل كل الأحواض النهرية”.
من جانبها تحدثت المهندسة ميسون علوش فأشارت إلى أن بلدية جسر الشغور وبإشراف إدارة المنطقة قامت بمسح لاحتياجات المدينة لمعرفة الاحتياجات الأكثر إلحاحاً في المنطقة، تبين لنا أن التلوث في نهر العاصي، ضمن النسب المسموحة، فما نوده هو الحد من مشاكل بيئية قد تصبح طارئة، وكي لا تتفاقم.
وحسب ما ذكر أحمد المصري من منطقة حمام الشيخ عيسي، يشكل نهر العاصي مرفقاً سياحياً مهماً للمنطقة، يقصده الزوار من كل المناطق السورية، وكذلك السياح الأجانب وذلك للتمتع بمناظره الخلابة، وليرتاحوا في المقاهي والمطاعم وأماكن الاستراحة المنتشرة على ضفتيه، والتي تزينها أشجار الكينا والصفصاف والزيتون، وتعطرها الروائح الشذية التي تنبعث من بساتين الليمون.
و أشار النصري في تصريح لـ ” الحرية ” إلى أن نهر العاصي كان في السابق يعاني من تدني منسوبه بشكل كبير، وبالكاد كانت تصل مياهه إلى أطراف قرية الحمرا بالقرب من بلدة عزمارين، أي على بعد 5 كلم تقريباً شمال بلدة دركوش الشهيرة، أما اليوم فالنهر يستغيث من الجفاف الذي يحاصره .
ويعود السبب في ذلك إلى عدة عوامل بعضها طبيعية، وأهمها: تدني كميات المطر والثلوج التي تتساقط خلال فصل الشتاء في كل عام، وهذا ما يؤكده كبار السن، كذلك استغلال الينابيع والمجاري التي كانت تنبع من محيطه، وتركيب العديد من محطات الضخ على النبع أيضاً، ناهيك عن حفر عشرات، بل مئات الآبار الأرتوازية التي حصلت وما زالت مستمرة وبشكل عشوائي في محيط النبع من دون تخطيط أو دراسة موضوعية بذلك.
وكان عدد من أهالي مدينة جسر الشغور ممن التقيناهم قد أكدوا أن نهر العاصي يعد من أخطر مصادر التلوث للمدينة لما يحمله من مخلفات صناعية وزراعية وصرف صحي غير معالج، ويمتد من جنوب مدينة جسر الشغور ماراً بالعديد من قرى المنطقة ويستقبل مخلفات الصرف الصحي غير المعالج من التجمعات السكانية على جانبيه أو من شبكات الصرف الصحي مباشرة من مدينة جسر الشغور والقرى الواقعة ضمن المنطقة الإدارية لجسر الشغور.
ولكن تبقى المشكلة الكبرى التي كان يعاني منها نهر العاصي قبل سنوات الحرب التي شنها النظام البائد، هي مشكلة التلوث، ومن خلال الإحصاءات الرسمية وجد أن هناك العشرات من معاصر الزيتون، ومعامل بيرين تصب منصرفاتها السائلة في النهر وهذا العدد من المعاصر يشكل نسبة 50% تقريباً من معاصر محافظة إدلب ومياه الجفت بما تحتويه من ملوثات وخاصة الحمولة العضوية المرتفعة جداً تعد ملوثاً رئيساً لنهر العاصي، ناهيك عن غياب التخطيط السليم لشبكات الصرف الصحي والنفايات، التي تنتشر بشكل عشوائي أيضاً في مجرى النهر أو في أماكن قريبة منه.
يذكر أن نهر العاصي يشكل شريان الحياة الرئيس لمحافظة إدلب والمنطقة بأكملها، كونه النهر الوحيد الذي يمر في هذه المنطقة ويروي مساحات واسعة من الأراضي والممتلكات الواقعة على ضفتيه، ويطلق على العاصي حتى بحيرة قطينة اسم /العاصي الأعلى/ ثم /العاصي الأوسط/ حين يخرج منها ويمر قرب مدينة حمص حيث ترفده عدة وديان سيليّة كوادي الميداني والزعفراني، وبعد الميماس يسير العاصي في سهل فيضي ذي قاعدة بازلتية حتى الغجر حيث ينحدر بشدة مشكلاً شلال الغجر وقبل أن يخترق مدينة حماة ترفده عدة وديان منها أبو عمامة والكافات وحر بنفسه وبعد اجتيازه حماة تأخذ روافده شكل أنهار دائمة غالباً كنهر الساروت ونهر سلحب ونهر البارد وبعد أن يجتاز النهر سهل العشارنة بصعوبة بالغة وتعرج شديد يدخل في متاهات سهل الغاب لاصطدامه بالصبة البازلتية عند قرقور شمال الغاب ويصل /العاصي الأسفل/ إلى جسر الشغور غرباً أمام سهل الروج ليسلك وادياً ضيقاً متعرجاً يهبط به إلى حمام الشيخ عيسى ذي المياه المعدنية الحارة بعد أن يرفده النهر الأبيض القادم من هضبة الأردو ثم يتابع العاصي حتى لواء الإسكندرون، حيث يرفده العاصي الصغير أو /قرصو/ الذي يصرف مياه نهري عفرين والأسود بغزارة وسطية /20م3/ثا/ ثم يتجه غرباً ويصب في البحر الأبيض المتوسط بعد أن أنهى رحلة طولها/571/كم.