الحرية – سامي عيسى :
أصبحت حقيقة، والكثير من موظفي الدولة استلموا الزيادة على الرواتب والأجور، التي أصدرها السيد الرئيس أحمد الشرع بالأمس القريب، حقيقة حملت أحلام العاملين والموظفين، نحو معيشة أفضل، وظروف تتحسن تلقائياً، سعت لتحقيقها جهود حكومية مشتركة، تضمن استمرارية مواردها الداعمة، وترجمتها على أرض الواقع، وتوفير الأرضية التي تحقق الغاية والهدف منها قدر الإمكان، وتحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية مزدوجة، منها ما يتعلق بالجوانب الإنتاجية والتشغيلية، وما يتبعها من تحريك للأسواق، عبر ضخ كميات كبيرة من رؤوس الأموال، تشكل كتلة رواتب لا يستهان بها في عالم الاقتصاد والمال، ومنها ما يتعلق بجوانب اجتماعية وأسرية، تكفل تأمين مستلزمات المعيشة، ولو بالحدود الدنيا، على اعتبار أننا مازلنا نحتاج المزيد من الزيادات التي تتناسب مع غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، رغم حدوث حالات انخفاض لكثير من السلع بعد عملية التحرير..
فوائد مزدوجة
وبالتالي الزيادة الأخيرة كانت بمثابة البلسم لجراح الطبقة العاملة على امتداد الجغرافيا السورية، لما تحمله من فوائد اقتصادية واجتماعية تنعكس بكليتها على تحسين الواقع المعيشي للمواطن من جهة، وتحسين القدرة الشرائية من جهة أخرى ..
تحريك للأسواق
وهذا المضمون بما يحمله من رؤية إيجابية، الجميع يتحدث عنها، بكثير من التفاؤل بتحقيق نتائج إيجابية كبيرة، على صعيد الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وجوانب أخرى تعكس حالة التحسن على الأسواق، حيث أكد الخبير الاقتصادي الدكتور شفيق عربش في تصريحه لـ”الحرية”، أن المرسوم الرئاسي والقاضي بزيادة الرواتب والأجور للعاملين بالدولة، والذي صدر خلال شهر حزيران الماضي، يعد أكبر زيادة في تاريخ الزيادات على الرواتب والأجور في سورية، منذ أكثر من خمسين عاماً..
عربش: أكبر زيادة في تاريخ الزيادات على الرواتب والأجور في سورية منذ خمسين عاماً قيمتها تتجاوز سقف” 5″ تريليونات ليرة
وبالتالي هذه الزيادة ستؤدي إلى طرح كتلة نقدية، في الأسواق تفوق قيمتها سقف “5” تريليونات ليرة، الأمر الذي سيؤدي إلى تحريك كبير في الأسواق، وتحسن مقبول في مستوى معيشة العاملين في القطاعات الحكومية.
ضبط الأسعار
ويضيف” عربش”: حتى تؤتي هذه الزيادة “أكلها” نحن بحاجة إلى مجموعة من الإجراءات العاجلة والضرورية، في مقدمتها: ضبط الأسعار وبشكل كبير، لأن معظم الزيادات السابقة قد تآكل مفعولها بسبب ترافقها مع ارتفاع الأسعار، بنسب تتجاوز قيمة الزيادة، وبالتالي ضبط هذه الظاهرة تحتاج أمرين اثنين ، الأول: زيادة تدفق السلع والخدمات الضرورية، والأمر الثاني يتعلق بتشديد الرقابة على الأسواق بصورة تختلف كلياً عما كانت عليه خلال الفترات السابقة، والتي كانت معدومة تبطل فاعليتها أمام تجار وحيتان السوق ومن يساعدهم في ذلك..
وهنا نأمل ألّا تضيع فرحة العاملين بأجر، لدى القطاع العام بهذه الزيادة، من خلال الانتظار الطويل لسحب الرواتب والأجور من الصرافات، مع الأمل أيضاً بتحقيق الزيادة الأخرى التي وعدت بها الحكومة، لتحسين الواقع المعيشي، ليتماشى مع الارتفاعات السعرية المتلاحقة، وتحقيق مستويات دخل عالية، يستطيع من خلالها المواطن العيش ببحبوحة بعض الشيء، وبالتالي كل ذلك يصب في تحسن الاقتصاد الوطني وزيادة إنتاجيته..
بوادر ارتياح
ضمن الإطار ذاته تحدث ” للحرية” عضو غرفة تجارة دمشق ياسر كريم أن الزيادة الحالية والتي تعاظمت فائدتها من خلال الكتلة النقدية، التي وفرتها النسبة التي حملت ضعفي الراتب، في ظل حالة من الانكماش في الحالة التسويقية، نتيجة ضعف القوة الشرائية، وهذه الزيادة حملت بوادر ارتياح كبيرة للفترة القادمة، مصحوبة بأمل متجدد، نحو حياة أفضل، خلافاً لما كانت عليه في العهد البائد، لكن آثار الزيادة تحتاج لبعض الوقت، والأثر الإيجابي اليومي مرهون بحالة الارتياح لدى الطبقة العاملة، وحتى الأسواق، بفعاليتها التجارية المختلفة والمتنوعة، أما الأثر الاقتصادي يحتاج لبعض الوقت، من خلال ضخ الكتلة النقدية الحالية، وحتى تنفيذ الزيادات المتلاحقة التي أقرتها الحكومة، وخاصة أن الفارق مازال كبيراً بين الرواتب والأجور الفعلية، وبين ما هو مطلوب لمقاربة مستوى المعيشة، الذي يتماشى والارتفاعات السعرية، بمستوى دخل لا يقل عن 500 دولار وبالتالي هذا الرقم لم نصل إليه بعد..
زيادة الإنتاجية
وأوضح كريم أن كيفية تأمين هذا الرقم لن تكون برفع الرواتب وزيادة الأجور، بل بزيادة الإنتاجية وتنفيذ المشروعات الجديدة، والتي بدأت الحكومة الدخول في عالمها مع دول عربية كالسعودية _ قطر – الإمارات- وأمريكا وغيرها من الدول التي وعدت بتوظيف رؤوس أموال جديدة، وتنفيذ مشروعات كبيرة، لكون أثرها مازال في البدايات، وبالتالي المشاريع لم تظهر بعد.
كريم: حالة ارتياح لدى الطبقة العاملة لكن مازال الفارق كبيراً بين الرواتب والأجور ومتطلبات المعيشة
أما فيما يتعلق بتأثير الزيادة الإيجابي على العمالة، وزيادة الإنتاجية على خطوط الإنتاج في القطاعات العامة والخاصة، فقد أكد “كريم” أن هناك الكثير من خطوط الإنتاج في سوريا، سيكون فيها نقص في الإنتاج، وليس زيادته، لأنها لا تستطيع منافسة المنتجات الأخرى، وخاصة أن الكثير من الماركات العالمية دخلت إلى سوريا، أدت إلى ضعف الاستهلاك من المنتجات المحلية، وهذا الأمر طبيعي جداً في ظل حالة الانفتاح الحالية، إضافة إلى رغبة المستهلكين بشراء الماركات الخارجية، وبالتالي هذا الأمر يحتاج حوالي ستة أشهر حتى يتأقلم المستهلكون مع الواقع الجديد، ويقتنعوا بالمنتج المحلي، إلى جانب سعي أهل الإنتاج لرفع مستوى المنتجات الوطنية، حتى تستطيع المنافسة، وتحقق تواجدها المطلوب، عندها نستطيع القول بأثر إيجابي يحقق فائضاً بالسلع وتصدر إلى الأسواق الخارجية، لكن هذا الأمر غير صحيح، لأنه لدينا صعوبة في التكاليف وغيرها.
واقع صعب
أما على صعيد تحسن واقع الأسرة بعد صدور الزيادة فقد أشار ” كريم” إلى واقع الأسرة الصعب خلال سنوات الحرب، والذي فقدت فيه قدرتها الشرائية، وتراكمت عليها المديونية، وفقدان الكثير من حاجاتها الأساسية، وهي بحاجة اليوم للعودة الى وضعها الطبيعي، وهناك جهود لعودة تموضعها بالصورة الصحيحة، وهذا يتطلب قوة مالية، وهذا ما تبحث عنه الحكومة السورية، وزيادة اليوم هي إحدى خطواتها لتحسين واقع معيشة الأسرة السورية، مع وجوب اتباعها بخطوات أخرى، منها القروض والهبات، ودعم المشاريع، وغير ذلك من خطوات، تترجم فاعلية الزيادة على أرض الواقع ، وتحقق المنفعة المرجوة لكافة الأطراف.