الحرية- عمار الصبح:
لم يجدِ بريق التنزيلات التي أعلنت عنها العديد من محال الألبسة والأحذية في أسواق درعا نفعاً في لفت أنظار الزبائن الذين على ما يبدو بات لديهم من الهموم المعيشية ما يشغل فكرهم ويتصدر أولوياتهم أكثر بكثير من شراء الجديد من الألبسة.
ففي مدينة درعا كما غيرها من مدن المحافظة، شهدت أسعار الألبسة انخفاضاً واضحاً، تزامناً مع مشاهد اللوحات الإعلانية التي ملأت واجهات العديد من المحال، متضمنة تخفيضات على أسعار بضائعها، والتي وصلت لدى بعض المحال إلى أكثر من 50%، أو تلك التي تكون من قبيل “اشترِ قطعتين واحصل على الثالثة مجاناً”، في محاولة، كما يؤكد تجار أصحاب محال، لتحريك الأسواق وكسر جمودها وجذب الزبائن.
محمد أبو سليم صاحب أحد محال الألبسة في مدينة درعا، أشار في حديثه لصحيفة الحرية إلى ما يمر به سوق الألبسة من ركود كبير هذا الموسم، وهو ما دفع أصحاب المحال إلى تخفيض الأسعار والإعلان عن تخفيضات مبكرة على الألبسة الشتوية على أمل جذب الزبائن وتحريك الأسواق، واصفاً هذه التخفيضات بالحقيقية، والتي يمكن التأكد من مصداقيتها بمقارنة فواتير الشراء ومطابقتها بسعر القطعة بعد تخفيض أسعارها، على حد قوله.
يفصّل التاجر بعضاً من هموم تجارته بالقول: “أغلبية تجار الألبسة والأحذية استعدوا لموسم الشتاء منذ أكثر من ثلاثة شهور، واستجروا بضاعتهم وقتها حيث كان سعر صرف الدولار 15 ألف ليرة، وهم مضطرون اليوم للبيع حسب السوق، وتخفيض الأسعار بموازاة التحسن الذي شهده صرف الليرة السورية”، مشيراً إلى أن عدداً من التجار بدأوا التفكير جدياً بتغيير تجارتهم والتحول إلى تجارة أخرى ذات مردود أفضل ولا تحتاج كما الألبسة إلى مصاريف ونفقات أكبر، وذلك تجنباً لتراكم الخسارات.
بدوره، شكا فايز المحمود تاجر أحذية في مدينة الصنمين من تراجع حركة البيع هذا الموسم إلى مستويات قياسية، حيث لا يتجاوز حجم مبيعاته اليومية قطعة واحدة أو اثنتين على الأكثر، وذلك رغم ما أجراه من تخفيضات وصلت إلى حدود 60%، لافتاً إلى أن كل التخفيضات التي أعلن عنها لا تغدو كونها مجرد محاولات يائسة لجذب الزبائن، واسترداد قسم من السيولة المالية وتعويض جزء من الخسائر.
وعزا التاجر هذا التراجع في حركة الأسواق إلى ضعف القدرة الشرائية لدى المواطن وتركيزه على الأولويات المعيشية كالمواد الغذائية والخضار، حيث تغدو الألبسة والأحذية من الكماليات من مثل ظروف كهذه ، فضلاً عما أشار إليه من منافسة المنتج الأجنبي والبالة التي غزت الأسواق بأسعار لا قدرة للمنتج المحلي على منافستها، نظراً لارتفاع تكاليف الإنتاج وحوامل الطاقة على الصناعي، وأيضاً تكاليف بدلات الاستثمار وأجور المحال على التاجر.
وبالتوازي، غزت الإعلانات وعروض التخفيضات على الألبسة والأحذية صفحات التواصل الاجتماعي، وخصوصاً تلك المتخصصة بهذا المجال، وأفردت هذه الصفحات مساحات واسعة لهذه التخفيضات مدعومة بصورٍ ومقاطع فيديو متنوعة للمنتج المراد تسويقه، ما فتح المجال واسعاً أمام هذه الصفحات لخوض غمار “بزنس” التسويق الإلكتروني كما يحلو للبعض تسميته.
وفي هذا السياق، أشار خبير التسويق مجد العمار إلى أن التخفيضات هي نوع من أنواع الترويج التي يسعى إليها التجار لتصريف المنتجات، وهو أمر متعارف عليه في العمل التجاري عموماً، ولهذه التخفيضات مواسم محددة كنهاية المواسم الصيفية والشتوية، ولكن ما حدث هذا الموسم خرج عن سياق التوقيت، فالتنزيلات التي أعلنت عنها محال الألبسة والأحذية كانت مبكرة على اعتبار أن الموسم لا يزال في أوجه، مبيناً أن ركود الحركة هو ما دفع لإجراء هذه التخفيضات “المحرزة” على حد وصفه، على اعتبار أنها كانت بنسب كبيرة، في محاولة من قبل التجار لاسترداد قسم من السيولة وتعويض الخسائر.
ودعا العمار إلى إيجاد نوع من السياسة الحمائية للمنتج المحلي، وخصوصاً صناعة الألبسة والأحذية التي تعرضت هذا الموسم لمنافسة غير متكافئة، عبر إغراق الأسواق بالبضائع الأجنبية ، ما عرّض الصناعيين والتجار للخسائر “التراكمية” على حد وصفه.