في غزة.. أشكال جديدة للموت

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- تقرير: سامر اللمع:

خلف الحصار المشدد الذي تفرضه «إسرائيل» على قطاع غزة منذ أكثر من شهرين آثاراً مدمرة وطويلة ‏الأمد، تطول بشكل خاص الفئات الأكثر هشاشة في قطاع غزة، في ظل سياسة إسرائيلية منهجية تخلق ‏أشكالاً جديدة للموت وتقوم على تدمير مقومات الحياة والقضاء على أي بدائل ممكنة للبقاء، ما يعمّق ‏الكارثة الإنسانية ويحوّلها إلى أداة رئيسية في تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية.‏

في هذا السياق، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف ‏جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتاً صامتاً يحصد أرواح كبار السن والأطفال في قطاع غزة، ‏من دون أن يُرصد أو يُوثّق بشكل كافٍ، نتيجة ظروف معيشية قاتلة تفرضها «إسرائيل» عمداً بهدف ‏إهلاك السكان، وعلى رأسها جرائم التجويع وإحداث المعاناة الشديدة والحرمان من الرعاية الصحية ‏والحصار الشامل، وذلك في إطار جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من 19 شهراً.‏

ورصد الأورومتوسطي استشهاد 14 مسناً فلسطينياً في قطاع غزة خلال الأسبوع الماضي, نتيجة ‏مضاعفات الجوع وسوء التغذية ونقص الرعاية الطبية، التي تسببت بها «إسرائيل»بشكل مباشر عبر ‏الإغلاق التام للمعابر ومنع إدخال البضائع والمساعدات الإنسانية منذ 2 آذار الماضي.‏

وأوضح أنّ هؤلاء الضحايا قضوا في مناطق متفرقة من قطاع غزة، حيث يواجه السكان في جميع أنحاء ‏القطاع نقصاً حاداً في الغذاء والماء والدواء، في ظل انتشار المجاعة وانهيار المنظومة الصحية بالكامل ‏وعجز تام عن توفير أبسط أشكال الرعاية، ما أدّى إلى تفاقم الحالات الصحية الحرجة، لاسيّما لدى كبار ‏السن والمرضى، وتركهم يواجهون الموت في عزلة تامة عن العالم.‏

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ فريقه الميداني رصد وصول عشرات المرضى من كبار السن إلى ‏المستشفيات، وقد شُخّصت الغالبية العظمى منهم بسوء تغذية حاد وفقر دم، في ظل انعدام العلاج ‏لأمراضهم المزمنة، واضطرارهم للاعتماد على المعلّبات كغذاء رئيسي، ما تسبّب في تدهور خطير في ‏حالتهم الصحية، وأفضى في عدد من الحالات إلى الوفاة.‏

ونوّه المرصد إلى أنّ عدداً متزايداً من كبار السن والأطفال والمرضى يلقون حتفهم نتيجة مباشرة لانعدام ‏الرعاية الصحية وسوء التغذية والجوع، في ظلّ انهيارٍ منهجي للقطاع الصحي بفعل الحصار الإسرائيلي. ‏وأشار إلى أنّ غياب آلية فعّالة لدى وزارة الصحة في غزة لرصد هذه الحالات يؤدي إلى تسجيلها كوفيات ‏طبيعية، رغم أنّها في الواقع نتيجة مباشرة لسياسات التجويع المتعمّد وتدمير النظام الصحي، وتشكل ‏نمطاً من أنماط القتل العمد المحظور بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي.‏

وأكد الأورومتوسطي أنّ هذه الأفعال تُعدّ من أخطر الجرائم بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية ‏الدولية، والذي يُدرج “القتل العمد”، بما في ذلك التسبّب بالموت من خلال أعمال مثل التجويع أو ‏الحرمان من الرعاية الصحية، ضمن الجرائم المصنّفة كجرائم حرب مكتملة الأركان، وجرائم ضد ‏الإنسانية متى ارتُكبت في سياق هجوم واسع النطاق أو منهجي موجّه ضد السكان المدنيين، وهو ما ‏يتوافق مع نمط الهجوم القائم الذي تنفّذه «إسرائيل» على السكان المدنيين في قطاع غزة.‏

وشدّد الأورومتوسطي على أنّ هذه الأفعال تُشكّل أيضاً أركان جريمة الإبادة الجماعية، سواء من خلال ‏ارتكاب جرائم قتل، أو إلحاق أذى جسدي أو نفسي جسيم، أو فرض ظروف معيشية يُقصد بها التدمير ‏الفعلي لجماعة محمية، كلياً أو جزئياً، وهي الجريمة التي تنفّذها «إسرائيل» بشكل متواصل منذ أكثر من ‌‏19 شهراً ضد السكان المدنيين في قطاع غزة.‏

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار