الحرية – عمار الصبح:
ألقى الموسم المطري الخجول هذا العام بتبعاته على الواقع الزراعي عموماً في درعا، على نحو أدى إلى خروج مساحات واسعة من دائرة الإنتاج الزراعي، وغياب شبه تام للزراعات العلفية عن الخريطة الزراعية.
غياب أرجعه كثير من مزارعي المحافظة إلى شح الهطولات المطرية هذا الموسم والتي لم تتجاوز ثلث معدلها السنوي، ما أدى إلى عزوف شبه تام عن زراعة هذه المحاصيل، التي ظلت حاضرة على قائمة اهتمام مزارعي المحافظة ولم تغب طيلة العقود الماضية.
ويصف المزارع طعمة البركات موسم الأمطار لهذا العام بـ”الاستثنائي”، فرغم سنوات عمره التي تجاوزت السبعين، حسب قوله، فإنه لا يتذكر أنه شهد شحاً للأمطار وانقطاعاً كما هو الحال عليه هذا الموسم، وهو ما يعني غلة زراعية خجولة بكل المقاييس وخصوصاً من المحاصيل العلفية، على حد قوله.
شح الهطولات المطرية هذا الموسم والتي لم تتجاوز ثلث معدلها السنوي، ما أدى إلى عزوف شبه تام عن زراعة المحاصيل العلفية
ويضيف البركات: “لم يكن معهوداً أن تغيب المحاصيل العلفية عن أراضي المحافظة، نظراً لريعيتها الاقتصادية المجدية وكثرة الطلب على هذه المحاصيل من قبل مربي الثروة الحيوانية، ومن جهة ثانية لدور هذه الزراعات في انتظام الدورة الزراعية، إذ تعد هذه المحاصيل غنية بالعقد الآزوتية التي يظل مفعولها في الأرض للموسم القادم”.
ورغم أن المحاصيل العلفية تزرع بعلاً ولا تحتاج كما القمح للسقاية، إلا أنها كما يشير البركات، تتطلب كميات جيدة من الأمطار تتجاوز ٢٠٠ ملم وهو ما لم يتحقق هذا العام، في ظل الأرقام المتواضعة للموسم المطري في عموم مناطق المحافظة، إذ لم يتجاوز متوسط الهاطل المطري ١٠٠ ملم في كثير من المناطق فيما كان يتجاوز ٣٠٠ ملم في سنوات سابقة.
وتشمل المحاصيل العلفية (الكرسنة والجلبانة والبيقية والفول العلفي)، وتعد من الزراعات المهمة التي يحرص مزارعو المحافظة على زراعتها لتوفير الأعلاف لقطعان الماشية، إذ قدرت المساحات المزروعة بالمحاصيل العلفية (الجلبانة، الكرسنة، والبيقية) للموسم الماضي حسب أرقام مديرية الزراعة في درعا، بأكثر من ١١ ألف هكتار بزيادة ٤٠٠٠ هكتار عن الموسم الذي سبقه، وتوزعت المساحات المزروعة على محصول الجلبانة حيث تمت زراعة ٥٠٠٠ هكتار، و٣٨٠٠ هكتار للكرسنة ونحو ٣ الآف هكتار بالبيقية، والبرسيم ٤٠ هكتاراً، وبالبيقية الرعوية ٣٥ هكتاراً.
وأثار الغياب غير المتوقع للمحاصيل العلفية المحلية، الخشية لدى مربي الثروة الحيوانية من أن تشهد هذه المحاصيل ارتفاعاً متزايداً في الأسعار، إذ يعتمدون على هذه المحاصيل وعلى الشعير للخلطة العلفية.
وقال يوسف عبد الفتاح أحد مربي الأغنام: إن كثيراً من مربي الماشية كانوا يعمدون إلى زراعة المحاصيل العلفية أو شرائها من المزارعين مباشرةً لتأمين الأعلاف لمواشيهم للتقليل من فاتورة الأعلاف المركبة، لافتاً إلى أنه بات يخشى أن ترتفع أسعار الأعلاف مجدداً مع ارتفاع الطلب عليها خصوصاً مع قلة المراعي هذا الموسم.
بدوره أكد الخبير والطبيب البيطري أحمد الكنعان أهمية هذه المحاصيل في الخلطة العلفية، فهي تضمن للماشية تغذية متوازنة بفضل محتواها الغني بالفيتامينات والمعادن والبروتينات، كما أنها تقلل التكاليف من خلال زراعة المحاصيل محلياً، وتسهم في تحسين جودة الإنتاج (اللحوم والحليب) من حيث النكهة واللون والقوام، ما يعزز من جاذبية المنتجات للمستهلكين.
ولفت إلى أن المحاصيل العلفية تعد من الأعلاف المستساغة سواء كانت خضراء أو حبية أو على شكل قش (تبن) حيث تقبل الماشية على رعيها في مراحل نموها المختلفة.