الحرية – ناظم عيد – رئيس التحرير:
غير تقليدية .. وإستراتيجية.. تلك الأفكار والرؤى و “النيّات” التي بدأت ترشح عن مكاتب حملة حقائب المهام الصعبة في الهيكل التنفيذي الجديد، وهي تفاصيل لموجز كان أعلنه الوزراء في حفل إعلان الحكومة الجديدة.
وإن كان ثمة ما هو جدير بكلِّ الاهتمام في رؤية كل الوزراء، إلّا أن وزير الاقتصاد الدكتور نضال الشعُار دفع بحزمة دسمة و متزاحمة من الرؤى، بدت كمشروع دولة – وهو رجل دولة – أكثر من مجرد بيان وزارة ووزير..
والواقع أنّ رؤية هذا الرجل التي سردها في تصريحات ما بعد تولّي الحقيبة، كما قبلها بأيام قليلة، كانت حافلةً بالعناوين والمصطلحات التي استدرجت حالة عصف ذهني في الأوساط الأكاديمية وحتى الشعبية، وقد تصدّر مصطلح “اختراع سوريا الجديدة” لائحة ما هو أكثر تداولاً و نقاشاً و جدلاً، لأنه عنوان مفتاحي يُعمم مسؤولية “استدراك سوريا” ويُخرجها من دائرة وزارة الاقتصاد الحاضنة لثلاث وزارات، إلى فضاء حكومة بأكملها.. بل دولة بمؤسساتها ومواطنيها، ولن نختلف بالرأي مع أحد هنا فيما إذا كانت مثل هذه الرؤية نابعة من حنكة وزير وزّع أوزار وزارته على الجميع، عبر بيان حكومة لا مجرّد خطّة وزارة، أم من إلحاح استحقاقات كثيرة وأولويات متزاحمة على لائحة التراتبية.
في كلتا الحالتين ثمة واقعية حقيقية فيما طرحه هذا الرجل المخضرم أكاديمياً وعملياً، حتى لو انطوى على ما يراه بعضهم ضرباً في التنظير، فمن شأن خصوصية الحالة السورية أن تضعَ الاستحقاقات السهلة في سياق استثنائي من التعقيد.
اليوم على الجميع – كلّ سوريا – أن تبدأ فعلاً باختراع سوريا الجديدة، بدلاً من اللهو بالشروحات و التفاسير، وأن نقلعَ جميعاً عن خصلة الغرق في تعريف المهام بدلاً من الشروع في تطبيقها، وهذه مسؤولية حكومة ودولة..لأن تأمين متطلبات بيئة العمل أولوية متقدمة ” نقطة صفر الانطلاق” ومن دونها سيكون المشهد مرتبكاً.
و قد يكون من الواجب الملحّ هنا أن نبتعد بطموحاتنا عما هو غير سوري، ولا نعوّل على وعود الخارج، ولاسيما أنّ العالم بات في خضمِّ حرب أقطاب اقتصادية، و تراشق تعريفات ورسوم تنذر بدوّامة ركود عالمي غير مسبوقة ربما.. أي كلٌّ منشغل بمصالحه وتحدياته.
التعويل اليوم على ماهو سوري – سوري، بدءاً من استثمار حيازة زراعية في أقاصي الريف، وصولاً إلى جَسر الفجوة الرقمية وسلسلة الفجوات الكبيرة التي تعتري اقتصاد هذا البلد المنهك.
بيئة العمل والانطلاق بأدوات محليّة هي التي يجب أن تكون مطرح النقاش العاجل، وبعدها لا بأس بالتقاط ما يحلو لنا من خطط وبرامج طموحة.