الحرية – علام العبد:
يقف الرجل السبيعيني محمود محمد غرلة اليوم حزيناً على أنقاض بيته في قرية الجراجير في القلمون الغربي بمحافظة ريف دمشق الذي تم قصفه من قبل طائرات النظام البائد انتقاماً منه ومن عائلته بسبب تأييده للثورة وانضمام أبنائه الثلاثة (أحمد- حسين- جعفر) إلى الثورة ورجالاتها الأبطال.
من على أطراف قرية الجراجير المطلة على جبال لبنان، حيث تتشابك حكايات الصمود والمعاناة، تعيش عائلة محمد محمود غرلة على أنقاض منزلها المدمر ومنزل أحفاد العائلة، بعدما دمر النظام البائد منازلهم ومنازل كل من يدعم الثورة والثوار فيها.
يتحدث محمد غرلة لصحيفة الحرية أثناء جولة في منطقة القلمون الغربي: نموت مئة مرة في اليوم، والعيش في هذا المكان رغم خطورته أفضل من العودة إلى مخيمات النزوح، لم يبقَ للعائلة ملجأ نحتمي به بعدما قصف النظام البائد المجرم منازلنا، حتى الجدران لم تعد قائمة وقد ينهار ما تبقى من المنزل في أي لحظة بعدما تم تعفيش ما يمكن تعفيشه.
يقف رب الأسرة محمد غرلة وسط الدمار بوجه مكفهرّ وعينين مليئتين بالحزن، تحكيان واقعاً مأساوياً يعيشه مع عائلته بين أنقاض المنزل الذي كان يوماً يضمه هو وعائلته وأبناءه الثلاثة الذين قضوا فداء للثورة.
وبصوت متهدج، أشار غرلة إلى الركام وقال لصحيفة الحرية: هنا كنا نجتمع وعائلتي، هنا كانت تجمعنا الأعياد والمناسبات، من يعوضني عن أبنائي الشهداء وبيتي المنهار،
وسالت من عينيه الدموع قائلاً: حتى الأطفال لم يسلموا من بطش النظام البائد، أحفادي صغار ظلوا بلا أب ولا مأوى.
ومع عودة عائلة غرلة إلى قرية الجراجير في القلمون الغربي بعد تحرير سوريا من النظام البائد، صُدمت العائلة بحجم الدمار الذي لحق بمنزلهم والمنازل الأخرى في القرية.
وفي مشهد يجسد مرارة الواقع يعبر محمد غرلة عن حزنه العميق لتحول منزله إلى كومة من ركام ، ويضيف: أريد أن يشاهد العالم هذه المناظر، كنا نموت مئة مرة كل يوم.
هذه القصة ليست الأولى من نوعها، فالواقع الذي عاشه السوريون فيه من الحكايات الواقعية والحقيقية الكثير، ولاسيما إذا جلست واستمعت إلى أهالي حرستا ودوما والغوطة وسراقب وخان شيخون ومعرة النعمان، هؤلاء لديهم الكثير من قصص جرائم النظام البائد التي ارتكبت بحقهم.
يستذكر محمد غرلة بحسرة الأوقات الجميلة التي كان يقضيها مع عائلته وجيرانه في الجراجير، إذ يبين: كنا نعيش أجواء رائعة في رمضان والعيد، والآن لم يبق شيء من ذلك، لم يترك لنا النظام البائد شيئاً، خلّف لنا الحزن والقهر والأطفال اليتامى، لم يعد لدينا شعور بالسعادة، كل شيء تحطم كما هي منازلنا اليوم.
ورغم كل الصعاب، يصر محمد غرلة على البقاء على الأنقاض، قائلاً: لن نعود إلى المخيمات، أرجو النظر في وضعي وأحفادي اليتامى.
في ظل هذا الواقع المرير، تبقى معاناة عائلة محمد محمود غرلة وآلاف العائلات السورية الأخرى شاهدة على حجم المأساة التي تعيشها سوريا، ولاسيما المدن التي دمرها النظام البائد ببراميله المتفجرة وطائراته الحربية، وسط نداءات مستمرة للمجتمع الدولي والعالم الإسلامي للتحرك وإنهاء معاناتهم ومساعدتهم بالعودة والبدء بعملية إعادة الإعمار .