عمران محفوض
لم يأت قرار التسعير بجديد، فهو تأكيد لما ورد في قانون حماية المستهلك في المادة /٧/ “يلزم بائع نصف الجملة والمفرق ومقدم الخدمة بالإعلان عن أسعار المواد أو المنتجات أو السلع أو الخدمات بشكل واضح ومقروء ضمن أماكن بيعها أو تقديمها”، ومع ذلك انتفض تجار ومستوردون وصناعيون ضده في حالة ممانعة غير معهودة، بل غريبة على بيئة العمل التجاري والإنتاجي المحلي.
كمستهلكين لمسنا جدية من وزارة الاقتصاد في إصداره ولاحقاً في تطبيقه، ورغبة واضحة في القضاء على ظاهرة غياب التسعير التي تعم أسواقنا الداخلية منذ سنوات كحالة فريدة تميزنا بها عن أسواق العالم، وكأننا اعتدنا هذه المخالفات ونسينا أو تناسينا أن الأسواق الخارجية تحكمها الأسعار المدونة على جميع المواد والسلع سواء كانت منتجات محلية أو مستوردة، وزد على ذلك أن الأسعار تعبّر عن وجود تنافسية حقيقية غايتها الترويج والبيع وأصلها تحسين جودة المنتجات من خلال رصد رغبات المستهلكين وقياس مستوى رضاهم وإقبالهم على الشراء.
بعض المنتقدين لقرار التسعير يرى أنه لم يتضمن آلية متكاملة للتنفيذ والمراقبة والكشف عن التكلفة الحقيقة للمواد والسلع، وذهب آخرون إلى أبعد من ذلك حين اتهموا القرار بإغفال عمليات البيع الإلكتروني المنفلتة من أبسط شروط التجارة والتعامل النزيه مع المستهلك، في حين من الواجب أن يكون القرار جامعاً وإلا فليكن مرجعيتنا الوحيدة قانون حماية المستهلك، فالتسعير يجب أن يكون إلزامياً كونه إجراء تجارياً وصناعياً معتمداً في جميع الدول، وهو في مصلحة جميع أطراف العمليات الإنتاجية والتسويقية والاستهلاكية لعدة اعتبارات..
– يساعد السعر المناسب في جذب المستهلكين المستهدفين وتشجيعهم على الشراء.
– يساهم التسعير الصحيح في زيادة الطلب على المنتجات وتحقيق أرباح مستدامة على المدى القصير والطويل.
– يضع التسعير المدروس التاجر في موقع أفضل مقارنة بالمنافسين، ما يساعده على التميز في السوق.
– يعكس السعر قيمة المنتج في نظر المستهلكين، ويمكن أن يساهم في تعزيز مكانة العلامة التجارية وثقة المتعاملين بها.
– إن تحديد سعر مناسب يغطي التكاليف ويضمن الربح هو الفارق بين نجاح المشروع أو فشله.
– يساعد التسعير السليم في تحسين دقة التوقعات المالية المتعلقة بالإيرادات، والتكاليف والربحية، ما يسهل التخطيط المالي.
رغم ذلك هناك من يدعي أن القرار فُهم بشكل خاطئ، رغبة في أن تتراجع وزارة الاقتصاد عنه أو على الأقل أن تعدله أو تجمده، وفي جميع الحالات يعدّ ذلك تكريساً لسلوك الرفض أو تجاهل تنفيذ القرارات الصادرة، الذي دأب معظم التجار والمنتجين على اتباعه طوال السنوات الماضية، متلطين وراء نفوذ فاسدين في دوائر حماية المستهلك والتجارة الداخلية، ولذلك يجب أن يكون تطبيق هذا القرار بداية مسار جديد لمنظومة حماية المستهلك في جميع الوزارات والجمعيات والجهات العامة والخاصة المرتبطة عملياً معها، ونأمل أن يكون هذا المسار محفزاً لإصدار قرارات أخرى لحماية المستهلك في جميع القطاعات: المصارف، النقل، الاتصالات، التعليم، الصحة والسياحة.. وغيرها، فالجميع يتلاعب بالأسعار ونوعية الخدمات المقدمة، والضحية دائماً المستهلكون، فإلى متى يستطيع صاحب الدخل المحدود الصبر على هذا الغش والجشع والاستغلال المنتشر في معظم الأسواق والقطاعات الإنتاجية والخدمية..؟.
قرار التسعير في سوريا : حماية المستهلك و تحديات تطبيق الأسعار
Leave a Comment
Leave a Comment