قريباً على موعد لضبط استيراد السيارات.. و«النقل» تحاصر الفلتان الحاصل بإجراءات جديدة

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – محمد زكريا:
ربما يكون ملف استيراد السيارات من أكثر الملفات سخونة في وزارة النقل خلال الفترة الحالية، وذلك لما نتج عنه خلال الفترة الماضية من تداعيات وتنبيهات تستوجب التوقف عندها، منها على سبيل المثال لا الحصر، الحالة الفنية والميكانيكية السيئة لأغلبية السيارات المستوردة، وتعرض تلك السيارات إلى كثرة الأعطال الميكانيكية وحتى الكهربائية، كل ذلك بشهادة ورأي خبراء السيارات.

كما من التداعيات الخطرة الناجمة عن هذا الملف، الرأسمال الكبير الذي تم صرفه على شراء تلك السيارات، والذي يصل إلى مليارات الدولارات.

بالتأكيد من أوصل الحال في سوق السيارات إلى هذا الواقع هي عوامل عدة، منها حالة التعطّش الكبيرة لدى أغلبية السوريين لاقتناء سيارات حديثة، بعد أن تم حرمانهم منها على مدار سنوات النظام الهارب، إضافة إلى التلاعب الخفي لبعض التجار بواقع السيارات المستوردة، سواء بقصد أم بغير قصد.

قريباً على موعد لضبط استيراد السيارات.. و«النقل» تحاصر الفلتان الحاصل بإجراءات جديدة

العلة الأكبر

وحسب ما رشح من معلومات حول هذا الملف، فإن عدد السيارات المستوردة إلى سوريا بلغ منذ بداية التحرير وحتى تاريخه، نحو 100 ألف سيارة. وذلك حسب كلام مدير مديرية استيراد السيارات في وزارة النقل عبد اللطيف شرتح، مضيفاً:إن زيادة الاستيراد أدت إلى انخفاض الأسعار إلى ربع القيمة السابقة، وخاصة بعد تطبيق قرار خفض الرسوم الجمركية بنسبة تصل إلى 80% وإلغاء قيود الاستيراد على الموديلات الحديثة، وعدم السماح باستيراد سيارات ما دون سنة الصنع 2010.

وأمام هذه التسهيلات المقدمة، ظهرت العلة الأكبر في هذا الملف، وهي سحب القطع الأجنبي ونفاده من أيدي السوريين بشكل كبير، وبالتالي أدى ذلك حسب الخبراء الماليين إلى استنزاف في احتياطي النقد الأجنبي على المدى المتوسط في وقت تعاني فيه البلاد من قيود مشددة على تدفق العملة الصعبة. كما تشير التقديرات الاقتصادية لأحد خبراء الاقتصاد إلى أن قيمة واردات سوريا من السيارات تجاوزت حاجز 3 مليارات دولار خلال الفترة الماضية.

60 إلى 70 % من أعمال الورش الصناعية المنتشرة بدمشق خلال الأشهر الماضية تركزت على أعطال السيارات المستوردة

أعطال كثيرة

بعض من أصحاب الورش الصناعية المنتشرة بدمشق في أحياء الفحامة وحوش بلاس والقابون أكدوا لصحيفة الحرية أن أغلبية أعمالهم خلال الأشهر الماضية تركزت على أعطال السيارات المستوردة، بنسبة تصل إلى حدود 60 إلى 70 % من حجم أعمالهم لتلك السيارات، حتى أن أغلبية أعطال هذه السيارات متشابهة فيما بينها إلى حد ما، وبالتالي فهذا مؤشر على خلل ما في الكشف الفني لتك السيارات المستوردة، موضحين تعرض هذه السيارات لحالات مثل القص أو الغرق وإلى غير ذلك، كما أشاروا إلى ارتفاع كلف الصيانة وعدم توفر القطع التبديلية لتلك السيارات، وإن وجدت، فهي مرتفعة القيمة، وألمحوا إلى أن السيارات المستوردة قديمة الطراز، ما يعني ارتفاع كلف التشغيل والصيانة، وزيادة الضغط على سوق المحروقات المحلي.

حالة جمود

سيف شيخ الحدادين، صاحب مكتب لبيع السيارات أوضح خلال حديثه لصحيفة الحرية أن سوق السيارات بحاجة إلى إعادة النظر فيه، ولا سيما بعد أن دخلت السيارات المستوردة إليه، حيث تم إغراق السوق المحلية بهذه السيارات حتى وصل السوق إلى حد الإشباع، موضحاً أنه مع بداية السماح باستيراد السيارات شهد السوق المحلي طلباً كبيراً على تلك السيارات، وذلك لأسباب أصبحت معروفة للجميع.

في حين اليوم وبعد مرور خمسة أشهر من السماح، انتقل السوق إلى حالة الجمود، والسبب كما يراه هو تخوف المشتري من الحالة الفنية لتلك السيارات، لافتاً إلى ضرورة استبدال السيارات القديمة بالسيارات الحديثة، وذلك من خلال تقديم تسهيلات ومغريات محددة لمالكي السيارات القديمة.

ضبط للفلتان

المهم أن وزارة النقل تعي خطورة ذلك الفلتان الحاصل في استيراد السيارات، وما نتج عنه خلال الفترة الماضية من تداعيات سلبية، تستوجب اتخاذ إجراءات تنظيمية لتقييد استيراد السيارات، بحيث يكون الهدف من هذه الإجراءات، هو تنظيم السوق وضمان عدم تكرار فوضى الاستيراد التي شهدها السوق.

وهذا ما أكده وزير النقل الدكتور يعرب بدر في أكثر من لقاء، حيث أشار إلى أن الوزارة تخطط لاتخاذ إجراءات بشأن استيراد السيارات الجديدة، لتجنب إغراق الأسواق بعد زيادة واردات السيارات في سوريا، موضحاً أن الأسواق السورية شهدت دخول أعداد كبيرة من السيارات الحديثة منذ كانون الأول الماضي، لتعويض النقص في السوق المحلية، بعد انقطاع السيارات الحديثة من سوريا لفترة طويلة من الزمن.

ولفت إلى أن التسهيلات التي قدمتها الحكومة السورية لدخول السيارات، من سلاسة في الإجراءات وتخفيض الرسوم الجمركية، تسبب في حالة إغراق السوق المحلية بالسيارات الحديثة، مضيفاً: إن “هذا الوضع مؤقت، ولا يحظى بمقومات الاستدامة”.

وذكر الوزير بدر أن سوريا “لا تستطيع الاستمرار في هذا الانفتاح على هذه الأعداد الكبيرة من المركبات، ومن المتوقع أن يتم في المستقبل اتخاذ إجراءات معينة لن تمس الأشخاص الذين استوردوا سياراتهم” مشيراً إلى أن الحكومة ستعطي فترة زمنية لتتم إعادة تنظيم دخول السيارات إلى سوريا، بحيث تقتصرعلى عمر معين وبحالة فنية منضبطة.

Leave a Comment
آخر الأخبار