الحرية – آلاء هشام عقدة::
يعاني قطاع الدواجن في اللاذقية أزمة مركبة تهدد استمراريته، في ظل اجتياح الأسواق بكميات كبيرة من لحوم الدجاج المجمد والبيض المستوردين بأسعار زهيدة وجودة متدنية، ما أدى إلى انهيار أسعار المنتج المحلي إلى ما دون تكلفة الإنتاج، ودفع آلاف المربين إلى حافة الخروج من السوق.
وفي حديث خاص لصحيفتنا “الحرية” حذر الدكتور ماهر صالح، أستاذ الصحة العامة والطب الوقائي في جامعتي حماة واللاذقية رئيس لجنة مربي الدواجن، من أن اللحوم المجمدة القادمة من تركيا، والتي تباع بأسعار يتراوح سعر كيلو الشرحة بين 15 إلى 20 ألف ليرة سورية، رغم أن سعرها الحقيقي في الأسواق التركية يتجاوز 50 ألف ليرة، تثير الشبهات حول مدى صلاحيتها للاستهلاك البشري، وأضاف أن سعر الفروج الوطني من أرض المدجنة يتراوح بين ١٤ -١٥ ألف للكيلو، بينما التكلفة الحقيقية تتجاوز ١٧ ألف.
وأضاف صالح أن وجود هذه المنتجات في الأسواق لا يقتصر ضرره على صحة المواطنين فحسب، بل يمتد إلى ضرب الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن أكثر من 20% من السوريين يعملون في قطاع الدواجن.
وتابع صالح : 95% من المنتجين المحليين مهددون بالتوقف عن العمل، فهل يعقل أن نتحول إلى مكب لنفايات الآخرين؟
مضيفاً أنه صدر قرار حالياً بوقف استيراد اللحوم المجمدة لمدة شهر واحد، القرار جيد ولكن نتمنى أن يكون قرار الوزارة لمعرفة مدى إذا كانت الأسواق المحلية تكفي للإنتاج وأن يتم الاستمرار بالعمل على هذا القرار بشكل دائم .
مطالب عاجلة لحماية القطاع
الدكتور صالح طالب بوقف استيراد الدواجن المجمدة ومشتقاتها، لما يشكله ذلك من خطر مباشر على استمرار الإنتاج المحلي، إضافة إلى ما يسببه من استنزاف للعملة الصعبة وتدمير فرص العمل في أحد أكثر القطاعات الحيوية في البلاد.
وشدد على ضرورة فرض رسوم جمركية مرتفعة على الدواجن المستوردة في حال تعذر وقف استيرادها، مع تكثيف الرقابة الصحية على هذه المنتجات، كما دعا صالح إلى دعم المدخلات الأساسية للإنتاج، مثل الأعلاف والأدوية البيطرية، وإعادة النظر في آليات تسعير الدواجن، بحيث تحدد الأسعار قبل الاستجرار من المداجن، وليس بعده بأيام كما هو معمول به حالياً.
تحديات جذرية تهدد القطاع
رئيس لجنة مربي الدواجن أشار إلى أن واقع القطاع توجد به جملة من التحديات المعقدة، أبرزها ارتفاع أسعار الأعلاف والمحروقات، إضافة إلى نقص الكهرباء الذي يؤثر بشكل مباشر على التدفئة والتبريد في المداجن، ما يؤدي في بعض الحالات إلى نفوق نسب تصل إلى 70% من الدواجن، بحسب إفادات عدد من المربين، وتعد تقلبات الأسعار من أبرز التحديات التي تواجه العاملين في القطاع، إلى جانب غياب دعم حكومي فعّال وضعف الرقابة على الأسواق، ما يفاقم من تأثير المنافسة غير العادلة مع المنتجات المستوردة، كما يشكل عدم استقرار سعر صرف الليرة السورية عائقاً أساسياً أمام الاستثمار في هذا القطاع، خاصة مع تدهور البنية التحتية للمداجن والحاجة إلى ضخ استثمارات ضخمة لإعادة تأهيلها.
مستقبل القطاع على المحك
أستاذ الصحة العامة والطب الوقائي أضاف: في ظل غياب سياسة واضحة لحماية المنتج المحلي، ومع تواصل تدفق المنتجات المستوردة من دون رقابة فعالة، يتجه قطاع الدواجن في اللاذقية نحو مرحلة حرجة، ويخشى من استمرار هذا الوضع لأنه سيؤدي إلى خسارة آلاف فرص العمل وتفاقم أزمة الأمن الغذائي في البلاد.
ونوه صالح بضرورة اتخاذ الجهات المعنية خطوات عاجلة ومؤثرة لحماية الاقتصاد والأمن الغذائي، وطالب بفرض قيود على الاستيراد، وتوفير الدعم الفني والمالي للمربين، وتشكيل لجان تسعير محلية عادلة، بما يضمن استمرار عجلة الإنتاج وتحقيق الحد الأدنى من الاستقرار لهذا القطاع الحيوي.