الحرية- هناء غانم:
أكد الخبير الاقتصادي د.زياد عربش أنّ رفع كامل العقوبات على سوريا يعدّ مرحلة مفصلية وموضع استقطاب العالم لذلك لابدّ الآن من اتخاذ تحرك أكثر مرونة.. موضحاً في تصريح ” للحرية” أن قطاع الطاقة في سوريا بحاجة إلى الكثير من القضايا ولاسيما أنه بالفعل كان محظوراً على شركات أوروبية كشراء النفط أو الاستثمار فيه وغيرهما..
الناتج المحلي لمعظم القطاعات صفر من دون مشتقات الطاقة!
قطاع إستراتيجي:
عربش أكد أنه بالفعل انقلبت المعادلات برمتها خلال ٢٠ سنة الماضية وفي الأشهر الأخير تبينت صوابية كل الطروحات السابقة لافتاً إلى أنّ قطاع الطاقة كان إستراتيجياً بامتياز قبل الحرب أي خلال الأعوام 2011 إلى 2025 حيث كان يبدل الاقتصاد السوري بالعديد من الريوع المباشرة وغير المباشرة من خلال تصدير النفط وتأمين حاجة السوق المحلية من مشتقات الطاقة وخاصة الغاز والفيول لتوليد الكهرباء والمشتقات الأخرى -للاستخدام المنزلي أو لقطاع النقل- مؤكداً أن هذه المعادلة تغيرت بعد عام 2011، حيث أصبح همُّ الحكومة تأمين مشتقات الطاقة في عهد النظام البائد، لكون الإنتاج المحلي استمر بالتدهور لغاية عام 2024 الأمر الذي تسبب في تركيب ديون كبيرة على سوريا خاصة بعد الاستفادة من الخط الائتماني مع إيران والتي تطالب اليوم بتعويضات/ عن هذه الديون / وهذه نسميها بعلم الاقتصاد “الديون المغرضة ” لأنها فرضت على سوريا وهي بموقف ضعيف، والحكومة الجديدة تستعد للتباحث في هذه الديون بشكل دقيق ومعرفة ما هو صحيح وما هو غير صحيح، وحتى طلب التعويضات لكون إيران ساهمت بطريقة أو بأخرى بشكل مباشر أو غير مباشر بتمويل آليات الحرب على سوريا.. وما نشهده أن إيران لم تقتنع لغاية اليوم بأهمية دور الاستقرار بالنسبة للإقليم ككل وبأن استقرار سوريا هو استقرار الإقليم كاملاً.. قد تكون هناك نية لتحويل هذه الديون إلى استثمارات فعّالة بشرط البدء بمسار صحيح من العلاقات .. أما مع الجانب الروسي فسوف تكون العلاقات أيسر لتبادل المصالح لأنه قد تسهم الشركات الروسية بتأهيل عدد من الشركات قطاع الطاقة في سوريا مشيراً إلى أنه بعد سقوط النظام تبين الأهمية الإستراتيجية لقطاع الطاقة لكونه أصبح متعارفاً عليه بأنه – عنق الزجاجة – لكل البنى التحتية وقطاعات الاتصالات الإنتاجية والخدمية والسلعية.. لافتاً إلى أنه بمعنى آخر أنه لا توجد زراعة ولا توجد صناعة، ولا يوجد نقل وغيرها إذا لم تكن هناك حوامل طاقة كافية لإمداد هذه القطاعات لا بل هناك قطاعات عديدة يصبح الناتج المحلي لها / صفراً / كقطاع النقل سواء النقل الخدمي أو بين المحافظات أو لنقل البضائع والسلع، مكررًا أنه من دون مشتقات الطاقة لا يمكن الحديث عن قطاع النقل وقطاع البناء وقطاع السياحة والاتصالات والأهم قطاع الزراعة والتصنيع الغذائي والصناعة التحويلية..
خبرات محلية
وأضاف عربش أنّ الأولوية اليوم بعد رفع العقوبات عن سوريا تتمثل بعده مناحي أولها تأهيل البنية التحتية للقطاع والاستفادة من الخبرات الأوروبية والسوريين المغتربين سواء أفراداً أو شركات لدعم لوجستيات الإنتاج في سوريا ولكافة البنى التحتية لقطاع الطاقة بفروعه المختلفة من النفط إلى الغاز و الكهرباء والطاقات المتجددة..
بيئة تشريعية
وأفاد عربش أنه على الحكومة السورية اليوم صياغة بيئة تشريعية ناظمة للنهوض بهذا القطاع، بالإضافة إلى التمويل والاستثمارات المشتركة من الشركات أو الأفراد والعمل على إقامة المشاريع الكبيرة سواء بالتوليد أو الطاقات الجديدة والمتجددة، والنقطة الأهم -حسب عربش -ليس فقط مؤازرة سوريا مالياً و لوجستياً في قطاع الطاقة، لكن أيضاً يجب ترتيب الأولويات لأنه وللأسف لغاية اليوم لا توجد قناعة تامة طالما أنّ هناك نقصاً في الوعي بأهمية التصدي لمسألة الفاقد في الطاقة، والتي هي حقيقة أكبر مما يصرّح عنه.. مؤكداً أن فواقد الطاقة في الكهرباء تصل إلى نسب مرتفعة جداً.. وللأسف لا يزال النهج المتبع حتى الآن هو تأمين الفيول والغاز لإنتاج المزيد من الكهرباء، بينما الكهرباء المنتجة يذهب جزء كبير منها فاقداً فنياً بشكل كبير وتجاري موضحاً أنه في بعض الأرياف يصل الفاقد إلى نسب أكبر من النسب التي يحصل عليها المستهلكون وبالأرقام نجد أنه من / 100 كيلو واط أحياناً يفوق الفاقد والهدر أكثر من 50%..
محطات جديدة
ويرى عربش أنه قبل التصدي لأي عملية بناء محطات جديدة من الكهرباء يجب مواجهة الفواقد بجميع أنواعها، أما الأمر الآخر فهو إنتاج الكهرباء بالخلايا الشمسية وإقامة مزارع ريحية أو شمسية لأن الطاقات الجديدة والمتجددة لم تلعب أي دور حاسم، وما زال دورها يقتصر بشكل رئيس على الدور المنزلي وإن كانت تلبي جزءاً معيناً من حاجات الناس حيث بلغت الطاقة المركبة لمجمل الأسر السورية ما يعادل 50 ميغا وط، مؤكداً أن هذا الرقم قليل جداً ولكن يعدّ مقبولاً مقارنة بما كان قبل سنتين، حيث كان هناك تلكؤ في التصدي لهذا المحور وأهمية الاقلاع بمشاريع الطاقات الجديدة والمتجددة بشكل جدي وليس بشكل فردي.
القطاع يحتاج إلى ما لا يقل عن”20″ مليار دولار
شركات إستراتيجية
وما نأمله بعد رفع العقوبات- حسب الخبير- أن يتم بناء شركات إستراتيجية ثنائية بين سوريا وأوروبا، أو سورية أوروبية مع دول الخليج العربي.. مؤكداً أنّ هذه شراكات تسمح ببناء محطات كبيرة ومعامل سواء بالنفط أو الغاز لكون هذا القطاع كاملاً يحتاج إلى ما لا يقل عن / 20 مليار دولار / مبيناً أنّ النجاح والتصدي في هذه المسألة بتأمين الحد الأدنى من حوامل الطاقة يعني الإقلاع بعجلة الإنتاج وتوفير أحد متطلبات النهوض الاقتصادي وتعزيز دور المرافق العامة والخدمات من القطاع العام والخاص وأعمال اللوجسيات والنقل والتبادل السلعي بين المحافظات ناهيك بالطيران والتبادل العالمي في الشحن الجوي والبري مؤكداً أن تامين حوامل الطاقة تساعد في تبسيط تكاليف النقل سواء للأفراد أو للبضائع والسلع بالإضافة إلى تأمين مدخلات أساسية لقطاع الصحة والتعليم والقطاعات الإنتاجية الأخرى..