قطاع خسر 40% من مقوماته.. ضعف المعلومات الفنية لدى المربين ونقص التمويل تأثيرات تحدُّ من زيادة إنتاجية الأبقار

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – مركزان الخليل:
بالتأكيد لا أحد يستطيع تجاهل قطاع “الثروة الحيوانية” بكل مفرداته وتنوعه، باعتباره القطاع الاقتصادي الذي يحقق انتشاراً واسعاً على الجغرافية السورية من جهة، والحالة الاقتصادية والاجتماعية المزدوجة من جهة أخرى، دون أن ننسى رؤوس الأموال الداعمة له، والتي بدورها تشكل القوة الداعمة والمؤسسة لحالة الانتشار المذكورة، مع الانتباه إلى طبيعة الظروف، والحالة الاجتماعية التي ساهمت في زيادة المردودية الاقتصادية، سواء على مستوى الأسر العاملة فيه، أو على مستوى الاقتصاد الكلي.. لكن ثمة أسئلة كثيرة تطلقها حناجر مربي الثروة الحيوانية، وخاصة “الأبقار” ليس في أيامنا هذه، بل منذ عقود مضت، هل بقيت هذه العائدية الاقتصادية على حالها خلال السنوات الماضية..

قرنفلة: التوسع بتربية الأبقار مرهون بتأمين المستلزمات وبنى تحتية ملائمة

وأين الاهتمام الحكومي والإجراءات التي تتماشى مع أهمية هذا القطاع الاقتصادية والاجتماعية، وحتى العوائد المادية التي يمكن تحقيقها في حالة الاستثمار الجيد.؟

أسئلة كثيرة ما زالت
دون أجوبة، تقابلها إجراءات ضعيفة تجاه قوة إنتاج وطنية، عائدها المادي يعادل مردود النفط، “في حال الاستثمار الأمثل” ساهمت في تراجع مساهمتها في الناتج الإجمالي المحلي، وفرضت الكثير من المشكلات والصعوبات، ما زالت حديث الساعة، والخاسر الأكبر”الاقتصاد الوطني والمربي” على السواء..!

سياسة واضحة
الخبير الزراعي المهندس عبد الرحمن قرنفلة يرى خلال تصريحه “للحرية” أنه من الضروري جداً في هذه المرحلة الحساسة وضع سياسة واضحة وصريحة تنتهجها الحكومة لتطوير وزيادة الإنتاج والإنتاجية ورفع كفاءة الأداء، وتذليل الصعوبات، من خلال تطبيق استراتيجية عمل تتضمن برامج تنفيذية بعضها يتماشى مع ما هو مطلوب ضمن الظروف الحالية، تخص تأمين مستلزمات الإنتاج والتربية وتوزيعها بعدالة “على المربين ومزارعي المادة العلفية”، سواء المازوت والأسمدة والبذار وحتى تأمين الأعلاف، لتنفيذ الخطة الإنتاجية وتطوير الممارسات الزراعية للوصول إلى أعلى نسب تنفيذ وتحسين إنتاجية الثروة الحيوانية في مقدمتها البقرية والأغنام.

مصادر متنوعة للدعم
وأضاف قرنفلة أنه من السهولة تأمين مصادر دعم متنوعة، وتقديم التسهيلات لهذا القطاع كون معظمه يدخل ضمن المشاريع الصغيرة، وخاصة تربية الأبقار المنزلية داخل المخططات التنظيمية وغيرها، والأهم ما تحمله من مكون داعم ومؤسس لحالة تصنيع غذائي متنوعة، تؤمن حاجة الأسواق المحلية من مختلف منتجات الثروة الحيوانية، من لحوم وألبان وأجبان وغيرها.

حديث الأرقام
قرنفلة ينطلق في حديثه من خلال الواقع والمؤشرات الرقمية التي تحكي واقع قطاع تربية الأبقار في سورية، حيث تشير إحصاءات المنظمة العربية للتنمية الزراعية إلى أن أعداد الثروة البقرية في سوريا قد تبدل من ٨٨٤ ألف رأس عام ٢٠٢٠ إلى نحو ٨٧٢ ألف رأس عام ٢٠٢١، وانخفض أيضاً إلى ٨٥٣ ألفاً عام ٢٠٢٢ (وهذه الإحصاءات المتاحة حالياً).
أما من ناحية الإنتاج، فقد تراجع إنتاجها من اللحم من ٦٥ ألف طن إلى ٦٣.٥ ألف طن، ثم إلى ٥٠.٥ ألف طن لنفس السنوات على التوالي، أما إنتاجها من الحليب
فقد تبدل من ١٧٤٠ ألف طن عام ٢٠٢٠ إلى ٢١٥٤ ألف طن عام ٢٠٢١، ثم إلى ٢٠٥١ ألف طن عام ٢٠٢٢، علماً أنّ عدد العاملين بالإنتاج المباشر، يقدر بحوالي ٢٠٠ ألف عامل وفي الخدمات اللاحقة (صناعة الألبان) حوالي ١٥٠ ألف عامل.

مشكلات برسم الحل
لكن هذه المؤشرات تغيرت بفعل تغير واقع القطاع وذلك لتعرضه خلال السنوات السابقة، وخاصة الـ”١٣” الماضية إلى تداعيات الأحداث التي شهدتها البلاد حيث فقدنا أكثر من ٤٠% من القطيع البقري، وتواجه تربية الأبقار تحديات متعددة في مقدمتها: عدم الحصول على احتياجاتها من المواد العلفية، وافتقار مرافق التربية إلى الأسس الفنية، وضعف المعلومات الفنية لدى المربين بأمور تغذية ورعاية، وإدارة وصحة الأبقار الحلوب وتواضع دور الإرشاد الزراعي في هذا الإطار.

كذلك يعاني القطاع
من صعوبات تتعلق بتراخيص إنشاء المباقر وصعوبات توفير التمويل وصعوبات تتعلق بتصريف الإنتاج من الحليب إضافة لبعض المشكلات الصحية، والتي ما زلنا ننتظر من الجهات المسؤولة إيجاد الحلول المناسبة لإنقاذ ما تبقى من هذه الثروة الوطنية.
وأشار قرنفلة إلى جملة الصعوبات التي تعترض عملية التربية على مستوى القطيع البقري منها: ارتفاع قيمة تكاليف وحدات الإنتاج والتي تحتاج بنية تحتية لتربيتها، وأصبح اقتناء بقرة واحدة أمراً مكلفاً للغاية في ظل تواضع المردود الاقتصادي منها، إلى جانب تدهور أسعار مبيع الحليب ولحم الأبقار تبعاً لضعف القوة الشرائية للمستهلكين، علماً أنّ تربية الأبقار الحلوب قديمة جداً في سورية ونادراً ما كنت تجد فلاحاً لا يقتني بقراً في حقله .

قابلة للتوسع

وبالتالي فإنّ التوسع بتربية الأبقار الحلوب ممكن في حال تأمين مستلزماتها من أعلاف مركزة، وأعلاف خضراء وفنيين (مهندسين زراعيين وأطباء بيطريين) متخصصين بتربية الأبقار، وبنى تحتية ملائمة، تدعمها صناعات ألبان قوية وحديثة تتماشى مع حجم الزيادات المطلوبة من أجل تأمين حاجة السوق المحلية، والتوجه بالفائض من الإنتاج للتصدير إلى الأسواق الخارجية، سواء مواد خام، أو منتجات مصنعة، وفق المواصفات العالمية المطلوبة، الأمر الذي يعزز من القيمة الاقتصادية والاجتماعية لهذا القطاع، إلى جانب اتساع اليد العاملة المشغلة له، من خلال حالة الاستقرار من حيث توافر المستلزمات وأسواق الاستهلاك.

Leave a Comment
آخر الأخبار