ملف «الحرية».. قوننة “حماية المستهلك” في الخدمات المالية… منطقة أمان مصرفية تحت “حماية” المركزي

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- رشا عيسى:

أعلن حاكم المصرف المركزي الدكتور عبد القادر الحصرية، عبر (لينكد إن) عن خطط لإنشاء مديرية متخصصة لحماية المستهلك في الخدمات المالية، بهدف ترسيخ مبادئ العدالة والمساءلة في تعامل المؤسسات المالية مع عملائها.

أطر تنظيمية

وفي خضم هذا الكلام المتصاعد، ولتحقيق الهدف الموضوع، يدور التساؤل حول آلية وضع الأطر التنظيمية (لحماية المستهلك) في الخدمات المالية ؟! وكيف ستكون صيغتها النهائية ومجالات الالتزام بها من عدمه؟ وهنا يوضح لـ” الحرية” الباحث في الشؤون السياسية والاقتصادية المهندس باسل كويفي أن المسؤوليات الرئيسية، هي وضع أطر تنظيمية وتشريعية لحماية حقوق مستهلكي الخدمات المالية، واستقبال ومعالجة الشكاوى من خلال إجراءات واضحة وعادلة، إضافة إلى مراقبة امتثال المؤسسات المالية لمعايير السلوك المهني والإنصاف، وتنفيذ برامج توعوية لرفع مستوى الثقافة المالية لدى الجمهور، مع تعزيز ومشاركة الجهود الجارية لإعداد مسودة قانون لحماية المستهلك في الخدمات المالية، بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية.

تطوير جودة الخدمات

في السياق الأوسع، يأتي هذا القرار في وقت يواجه فيه القطاع المالي تحديات مرتبطة بحماية المستهلك وتطوير جودة الخدمات، ما يعد خطوة تأسيسية في تطوير النظام المالي السوري، وبناء الثقة المتبادلة بين المواطن والقطاع المالي.
ويمثل هذا الإعلان جزءاً من جهود أوسع لإصلاح القطاع المالي السوري، والتزاماً بحماية المتعاملين، وتعزيز الثقة المتبادلة بين المواطن والقطاع المالي، وهي جزء من رؤية المصرف الإستراتيجية.
و بعد رفع العقوبات الدولية وإعادة الاتصال بشبكة (SWIFT)، يعمل المصرف المركزي لإعادة الاندماج في النظام المالي العالمي، وإعادة بناء الثقة، والتركيز على حماية المستهلك بما يتماشى مع المعايير الدولية، كما هو الحال في أطر العمل الخاصة بالبنوك المركزية الأخرى التي تؤكد على الشفافية، والمعاملة العادلة وآليات الشكاوى الفعالة.

الاستجابة للتحديات

ووجد كويتي أنّ الاستجابة لتحديات القطاع المالي المتعلقة بحماية المستهلك وتطوير جودة الخدمات، يعكس توجه المصرف لتعزيز الثقة وضمان بيئة مصرفية أكثر توازناً وإنصافاً، حيث يتعرض العديد من عملاء المصارف والبنوك الى (رُهاب البنوك)، وبإصدار هذا القانون قد يكون حماية للمتعاملين بشكل أكثر جدية، وتقنية من قانون البنوك الذي أتاح للبنوك إقامة دعاوى وقضايا على المستهلكين بطريقة تعسفية، وبشكل تصدر فيه الأحكام لصالح البنوك ووفق قيودها، دون النظر إلى اعتراضات المستهلكين، وهو في حد ذاته استخدام غير مشروع لسلطة قسرية في ممارسة تنفيذ عقود إذعان خارج إطار القوة القاهرة والظروف الاستثنائية .
ويتضمن نظام ومشروع القانون :
• وضع الأطر التنظيمية والتشريعية الكفيلة بحماية حقوق المستهلك المالي.
• استقبال الشكاوى ومعالجتها وفق إجراءات شفافة وعادلة.
• مراقبة التزام المؤسسات المالية بمعايير السلوك المهني والإنصاف.
• تنفيذ برامج توعية مالية لرفع مستوى الثقافة المصرفية لدى الجمهور.

تجارب ومخاطر

ورغم الإيجابيات للانطلاق بالقانون الجديد، بيّن كويفي أن التجارب في بعض دول المنطقة تُظهر كيف يمكن لغياب الاستقرار السياسي، أن يعوق بناء أنظمة قوية لحماية المستهلك في مجالات متعددة ، والعكس صحيح، حيث إنّ الحلقة المفرغة بين الأزمات المالية والاضطرابات تواجه دولاً مثل مصر وتونس ولبنان، أزمات ديون حادة ناجمة عن صدمات خارجية وأوضاع داخلية غير مستقرة.
في مثل هذه البيئات، تتراجع أولوية سن تشريعات لحماية المستهلك المالي لصالح معالجة الأزمات الملحة، ما يؤدي لإهمال حقوق المستهلك و يُغذي المزيد من الاستياء والاضطراب الاجتماعي .
كما أن التقشف وتآكل الحماية الاجتماعية مثل الاستجابة لأزمات الديون، وهنا تلجأ الحكومات أحياناً إلى سياسات تقشفية قد تتضمن خفض الدعم للسلع الأساسية، دون شبكة أمان اجتماعي قوية، وأُطر قانونية تحمي الفئات الأكثر ضعفاً، ويمكن لهذه السياسات أن تُثقل كاهل المواطن وتُفاقم الأزمات الاجتماعية، كما تشير إلى ذلك التحديات السياسية التي يواجهها إلغاء الدعم .
و أيضاً استنزاف المواهب وضعف الحوكمة يسهم عدم الاستقرار السياسي في هجرة الكفاءات والمهارات (هجرة الأدمغة)، بما في ذلك الخبراء في المجال المالي والقانوني الذين يمكنهم المساهمة في بناء أنظمة حماية متطورة، ويؤدي فقدان هذه المواهب إلى إعاقة قدرة الدولة على تطوير أنظمة حوكمة رشيدة وفعالة، ما ينعكس سلباً على جودة التشريعات والقدرة على الرقابة .

علاقة تكاملية

يؤكد كويفي أنّ العلاقة بين الاستقرار السياسي، وقانون حماية المستهلك المالي هي علاقة تكاملية جوهرية، و من دون استقرار سياسي، يصعب بناء نظام راسخ وفعال للحماية، ومن دون نظام عادل وشفاف لحماية المستهلك، يصعب تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي الطويل الأمد.

اقرأ أيضاً:

ملف «الحرية».. العمود الفقري للتحول من التبعية إلى الإبداع.. الاستثمار أوكسجين الاقتصاد السوري

 

Leave a Comment
آخر الأخبار