الحرية- منال الشرع:
شهدت قيمة الليرة السورية مؤخراً تحسناً ملحوظاً، ما بعث موجة من التفاؤل الحذر في الأوساط الاقتصادية والشعبية، هذا الارتفاع، وإن كان إيجابياً في ظاهره، يطرح تساؤلات جوهرية حول طبيعته ومدى استدامته في ظل اقتصاد لا يزال يواجه تحديات هيكلية عميقة.
قراءة في دلالات الارتفاع
الخبير المالي والمصرفي الدكتور عبد الله قزاز، أوضح في تصريح لـ”الحرية” أنه لا يمكن إنكار أن أي انفراجة في المشهد العام، مهما كانت محدودة، تمثل خطوة إيجابية، فالتحسن في قيمة العملة قد يفتح الباب أمام تدفق الاستثمارات الخارجية والمساعدات الإنسانية، ويسهل عملية إعادة ربط النظام المصرفي السوري بالنظام المالي العالمي.
وأضاف: هذه العوامل مجتمعة من شأنها أن تعزز الثقة بالليرة وتدعم الاستقرار الاقتصادي الذي تنشده البلاد، ومع ذلك، يجب التعامل مع هذا الارتفاع بحذر شديد. فاستمراريته مرهونة بتحقيق تحسن ملموس في المؤشرات الاقتصادية الحقيقية.
إن التعافي المستدام لا يبنى على تحركات سعر الصرف اللحظية، بل على أساس اقتصادي متين.
شروط التعافي الاقتصادي المستدام
وشدد الدكتور قزاز على أن الحديث عن تعافٍ حقيقي ومستدام يتطلب تحقيق مجموعة من الشروط الأساسية التي تتجاوز مجرد ارتفاع قيمة العملة، ملخصاً إياها في عدة نقاط:
١ – تنشيط عجلة الإنتاج: حيث يجب أن يترافق ارتفاع قيمة الليرة مع نهضة في القطاعات الإنتاجية، وعلى رأسها الزراعة والصناعة. فزيادة الإنتاج المحلي وتوجيهه نحو التصدير هو السبيل لتقليل الاعتماد على الاستيراد.
٢-سياسات نقدية فاعلة: يقع على عاتق مصرف سوريا المركزي دور محوري في إدارة السيولة ومكافحة التضخم، وهذا يتطلب أدوات وسياسات نقدية مبتكرة.
٣ -إعادة بناء البنية التحتية: فلا يمكن لأي نشاط اقتصادي أن يزدهر دون بنية تحتية متطورة تشمل الكهرباء، والمياه، وشبكات النقل، والموانئ، لجذب الاستثمارات.
٤ – تعزيز العلاقات الدولية: ويعتبر بناء جسور الثقة مع الدول المؤثرة والمجاورة عاملاً حاسماً في جذب الاستثمارات العربية والأجنبية.
واختتم قزاز تحليله بالقول: يشير ارتفاع قيمة الليرة السورية إلى بعض الأمل في التحسن الاقتصادي، يجب التعامل مع هذا الارتفاع بحذر، فاستدامته تعتمد على مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية التي يجب العمل عليها بجدية، وفي نهاية المطاف يبقى مستقبل الليرة السورية رهناً بإجراءات فعالة وسريعة للتغلب على التحديات الاقتصادية والسياسية الراهنة.