كسر جمود الفكر وتحرير العقول

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- يسرى المصري:

يمل الحديث عن الأزمات فالعالم يشهد أزمات متداخلة على كافة الأصعدة وباستثناء الحروب والسياسة تجد تحديات اقتصادية وتنموية ومناخية بالغة الصعوبة، وتشمل هذه الصعوبات الدول الغنية والفقيرة على حد سواء، ومن هذا المنطلق إن تعافي الاقتصاد السوري ليس مجرد إعادة بناء لما تم تدميره، بل هو فرصة لإعادة تصميم الاقتصاد بطريقة أكثر عدالة واستدامة، لكسر جمود الفكر وتحرير العقول لتضع الإنسان في مركزه، وتستفيد من الدروس التي قدمتها السنوات العجاف الطويلة، والتي سادت فيها حالة من الفقر والفساد السياسي زمن النظام البائد وإهمال التنمية وتحسين المعيشة والقيود المالية وتبني سياسة الانغلاق تجاه العالم الخارجي، وكان من نتيجة هذا أن تهالكت البنى الاقتصادية والتحتية والأسوأ .. لم يكن القرار بيد السوريين نتيجة تسلط الغرباء .
وعلى عكس كل التوقعات فتح التحرير صفحة جديدة عليها خارطة للتعافي لكن لا بد أحياناً من شرب الدواء المر.. والأمنيات لا تحقق بناءً وإنما العمل والإرادة .. سوريا تنهض من كبوتها وحصلت على تأييد شعبي واسع أكسبها الشرعية وليس هذا فحسب بل ثمة مساع حكومية خلال فترة وجيزة لدعم الحياة الأساسية للسوريين، وبالفعل من المتوقع زيادة نمو1% حسب البنك الدولي وارتفعت الرواتب 200%، وثمة زيادات أخرى وقوانين عادلة ومرنة تأخذ بأيد الناس سواسية. ومن ينكر الجهود الحثيثة والمباركة للسيد الرئيس أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني وكل الحكومة التي كسرت العزلة والحصارعلى الشعب السوري وفتحت الأسواق أمام المشاريع الاستثمارية وكبرى الشركات العالمية ويتم خطوة خطوة تأمين الأدوات والمستلزمات للمباشرة بتطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وتم الإعلان عن استثمارات ضخمة في الموانئ السورية والمناطق الصناعية واستثمارات ضخمة لتأمين الطاقة ومشاريع حيوية تجاوزت ملايين الدولارات .
نفضنا الغبار بدأنا بوضع الملامح الأولية لإعادة الإعمار مشينا خطوات نتعثر وننهض.. وما زال الطريق للتنمية طويلاً لكن القرار اتخذ بإعادة الحياة الى شرايين سوريا وإعادة النبض للسوريين.
الخريطة باتت ترسم بعناية وتأنٍ والخطوط العريضة تأخذ ضمن أولوياتها معالجة الفقر من خلال التنمية في ظل توجيه السوق وتعديل الهيكل الاقتصادي واستغلال الموارد المحلية وتطوير الإنتاج وتعزيز قدرة الدولة على تدبير الأموال, والتنمية بيد السوريين أنفسهم عبر إطلاق صناديق التنمية وتوجد قائمة أولويات لاستخدام العديد من الطرق والمناهج للحد من حالات الفقر في الكثير من القرى وفي الريف المهدم بالاعتماد على الذات والعمل الجاد وتشييد البنية التحتية سواء في الزراعة والصناعة والطرق والري وتوفير الأموال اللازمة للتطوير والتدريب وتوفير جميع النفقات اللازمة للتقنيات التكنولوجية لكل مجال.
ومع الاستعانة بالصبر والعمل لن تكتفي سوريا خلال السنوات القادمة بالقضاء على الفقر بل تذهب إلى رفع مستوى الحياة في كل المجالات ومنافسة الدول في كثير من المجالات. والسؤال هنا كيف نصل إلى هذه المكانة الاستراتيجية والمنافسة مع دول الاقليم ؟
لقد تم البدء بالفعل عبر خلق بيئة دولية مناسبة للتنمية حيث فتحت سوريا أبوابها على العالم بشكل كامل حرصًا منها على تحسين العلاقات مع أمريكا والعالم الغربي، وانتهاج سياسة حسن الجوار مع البلدان المجاورة، وتطوير الصداقة التقليدية مع الدول النامية، والتمسك بمبدأ تعددية الأقطاب وتبني سياسة خارجية مبنية على أساس الاستقلالية والسلام.
لا نقول الأمور وردية.. لكن لا بد من كسر جمود الفكر وتحرير العقول والإيمان بأن سوريا لكل السوريين وإعمارها سيتم أولاً وأخيراً بيد أبنائها وكل ما نشهده من استثمارات عربية وإقليمية وعالمية سيكون الرافعة التي تنقل الاقتصاد السوري إلى ما يليق به من مكانة عالمية، فكل تحدٍّ يحمل في جوهره فرصة ولن نهدر طاقاتنا في اجترار الأحزان والتفكير فيما مضى.. وانما تنجح الدول بتعاضد شعبها والإيمان بأن كل جهد مهما صغر سيحقق دعماً للانطلاق نحو التعافي والعافية.

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار