الحرية- لمى سليمان:
تمثل كلمة السيد الرئيس أحمد الشرع في مؤتمر مستقبل الاستثمار في الرياض “مفتاح الازدهار” الذي يأمله الشعب السوري بعد سنوات من التعب والعزلة، ولذلك حلت الاستثمارات محلاً واسعاً من اهتمام السيد الرئيس منطلقاً من الرهان على الشعب السوري والذي رفض أن يكون مجرد مُستقبل للمساعدات وإنما عنصراً فاعلاً في الاستثمار وإعادة الإعمار.
فالشعب السوري مثمر ومنتج وصناعي عتيق وكذلك سوريا التي لم تكن يوماً مستهلكاً بل مصنعاً ومنتجاً.
وكما يرى الدكتور في العلاقات الدوليةد.شاهر الشاهر فقد انطلق الرئيس الشرع في حديثه من أهمية ومكانة سوريا ومن إدراكه لهذه الأهمية والدور الذي يمكن أن تلعبه على مستوى الإقليم والمنطقة بشكل عام. فرغم الظروف القاهرة التي عاشتها سوريا، إلا أن ذلك لا يمنعها من أن تكون لاعباً ومفتاحاً أساسياً في المنطقة.
وفي حديثه لصحيفة “الحرية”، قال د.الشاهر أن إعجاب الرئيس الشرع بخطة 2030 التي يقودها الأمير محمد بن سلمان في المملكة العربية السعودية جعلته يهتدي بهذه الخطة ويأمل بأن تكون سوريا جزءاً منها، وخاصة أن هذا المشروع لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل استقرار كامل في المنطقة. ومن هذه الزاوية ربما كان التوجه نحو السعودية واعتبارها هي المثال والقدوة في إطار التنمية الاقتصادية.
وكما يؤكد د.الشاهر فإن سوريا قد تكون ضعيفة ولكنها ليست عاجزة بكل تأكيد. فقد مر البلد بظروف صعبة أدت به إلى ما هي عليه اليوم، ولكن هناك إمكانيات كبيرة تحتويها سوريا وأهم ما تملكه سوريا هي المكون البشري، وبالطبع، فالرئيس الشرع يراهن على الشعب السوري وقدرته على أن يكون فاعلاً وقادراً على استثمار ما تمتلكه سوريا وقيادتها نحو الأفضل.
إنتاج لا مساعدات
وبحسب ما يصف د.الشاهر، فالرئيس الشرع لا يريد لسوريا أن تكون بلداً يعيش على المساعدات لأن المساعدات لا تبني الأوطان والمساعدات لها فاتورتها التي لا تريد سوريا أن تدفعها في المستقبل. فالبلد الذي يعيش على المساعدات لن يمتلك قراره الوطني، لذلك نحن نسعى كي تكون سوريا قادرة على أن تمتلك قرارها الوطني. سوريا بحاجة الى الاستثمار ولكن دون أن يمس ذلك بالقرار الوطني.
إعمار واستثمار
إعادة إعمار سوريا من خلال الاستثمار هي فكره رائدة، برأي د.الشاهر، وهي المشروع الذي تريد سوريا أن تقوده بعيداً عن وصفات البنك الدولي أو الحصول على قروض خارجية. من الجيد أن يكون هناك استثمار في سوريا ولكن هناك عقبات وستعمل الدولة السورية على تذليلها كي تصبح سورياً بلداً جاذباً للاستثمار وهذا هو التحدي القادم للحكومة.
إعادة إعمار سوريا من خلال الاستثمار يجعل العديد من الدول تتقاطع مصالحها في سوريا، وبالتالي تجعلهم يدافعون عن سوريا ومكانتها وتحقيق الاستقرار فيها فهذه الشراكة هي مهمة لسوريا ومهمة لأصدقائها الذين سوف يكونون حاضرين في هذه المنطقة.
البعد الشخصي
وكما يوضح د.الشاهر فسوريا تبحث عن مصلحتها ولا تنحاز لأحد. وبالطبع تعترف بما قدمه الأصدقاء والأشقاء ولكنها تدرك حجم ومكانة المملكة العربية السعودية وتعتقد أنها المكان الأهم.
ويجب ألا ننسى البعد الشخصي في هذا الجانب، إذ تطرق الرئيس الشرع لهذه الفكرة لأنه ولد في السعودية وتصادف حضوره في المملكة بيوم عيد ميلاده وهذا العامل هو عامل مهم في دول هي مثل دولنا.
فالبعد الشخصي، بحسب د.الشاهر، يلعب دوراً كبيراً في العلاقات بين البلدين أي بين المملكة العربية السعودية وسوريا وبين سوريا وباقي الدول العربية وهناك ارتياح عربي بعودة سوريا إلى حاضنتها وارتياح سوري بوجود العرب خلفهم داعمين لهم ويمدون لهم يد العون.
وكل ذلك لن يتحقق إلا برفع العقوبات عن سوريا وهو التحدي الأهم والأمور تسير في هذا الاتجاه.
صفر مشاكل
من الواضح أن الرئيس الشرع يريد لسوريا الجديدة أن تكون مختلفة عن السابق، بمعنى أن تبتعد عن فكرة سوريا “المزعجة” أي سوريا المزعجة لجيرانها وأن تتحول إلى دولة طبيعية مندمجة ضمن إقليمها ومحيطها العربي والدولي. منتهجة سياسة صفر مشاكل والتي تشكل تحدياً كبيراً لأنه في العلاقات الدولية لا يمكن الوصول إلى ذلك بسهولة هذا أيضاً من التحديات التي تسعى الحكومة السورية إلى تذليلها والتوصل إليها.
إنجاز في زمن قياسي
ويتابع د.الشاهر: تحدث الرئيس الشرع عن حجم الاستثمارات الفعلية التي دخلت إلى سوريا حتى الآن وأعتقد أنه رقم كبير مقارنة بالفترة الزمنية قياساً إلى الحدث الكبير الذي حدث في سوريا. ففي هذه الدولة التي حصل فيها لإسقاط النظام ووصول حكومة جديدة. اعتقد البعض أن البدء بإعادة الإعمار تحتاج إلى سنتين أو ثلاث. ولكن وخلال عشرة أشهر تحقق الكثير لدرجة لم يكن أحد ليتوقعها ويبقى الرهان قبل كل شيء على الاستقرار الداخلي في سوريا وتحصين جبهتنا الداخلية.
اقتصاد إنتاج لا مساعدات
ويختم د.الشاهر بالقول إن الرئيس الشرع يريد للاقتصاد السوري أن يكون اقتصاداً قائماً على الإنتاج لا على الخدمات فقط أو حتى المساعدات وهذه الفكرة ضرورية وخاصة أن سوريا تاريخياً كانت بلداً صناعياً مهماً، ويمتلك التاجر السوري سمعة طيبة ليس فقط على مستوى المنطقة بل على مستوى العالم والدليل أن طريق الحرير القديم كان ينتهي في سوريا.