كيف نعزّز أمننا الغذائي في ظلّ تحديات بيئية متزايدة وارتفاع درجات الحرارة المتسارع وصولاً للتصحر؟

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – محمد فرحة:

تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحديات بيئية متزايدة، بما في ذلك ندرة المياه وشحها وارتفاع درجات الحرارة، ما يمهد لقدوم المزيد من التصحر، حيث تُعد المتغيرات المناخية من العوامل الرئيسية التي تفاقم هذه التحديات باعتبارها المؤثر الأبرز على أنماط الهطلات المطرية ودرجات الحرارة الساخنة.

كل هذه المؤشرات تشكل تهديداً للأمن الغذائي في المناطق التي تعاني اليوم وستعاني غداً من هذه المؤثرات مع استمرار  ارتفاع درجات الحرارة، حيث تعتبر نقاط التحول المناخي من أخطر  العوامل المؤثرة على إنتاج الأمن الغذائي في العالم وفي الوطن العربي بصفة خاصة، وبالتالي تعتبر هذه التحولات من أهم القضايا المحورية والتي لا يمكن تركها للظروف المتغيرة والتي يبدو أنها غير آمنة وغير مستقرة، فالغذاء ضرورة حيوية للإنسان وبالنسبة لأي شعب في العالم، ومتى توافرت له حاجته من الغذاء بمقادير مناسبة ومستقرة وبطريقة سهلة، أصبحت الحياة ميسورة وعندها تهون كل الأمور، وعندها يتجه الشعب والحكومات إلى التشييد والبناء والاستقرار والتنمية..

وإن أصبح الأمر غير ذلك ينشغل الناس، بقوت يومهم وساد القلق لحياتهم اليومية، وهنا تبرز المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بصورة أكثر حدة، وبشكل أوضح فإن تحقيق الأمن الغذائي يستلزم  بالضرورة تنمية زراعية والارتقاء بهذا القطاع والتركيز عليه أولاً وثانياً وثالثاً..

لماذا  هذا القطاع؟

فهو مصدر رزق لنحو أكثر من ٢٥% من نسبة السكان لدينا هنا في سوريا، وإن لم يلق هذا القطاع كل الدعم والتركيز الفعليين فإن العقود القادمة إن لم نقل السنين القليلة القادمة سوف تقل فيها نسبة المشتغلين في القطاع الزراعي لدينا، بل يجب العمل على زيادة هذه النسبة /اي المشتغلين في القطاع الزراعي/.

هنا لابدَّ لنا من الإشارة إلى أن الزيادة التي تحققت في القطاع الزراعي خلال الثمانينات وحتى النصف الثاني من التسعينات كانت كافية لزيادة النمو السكاني وتحسين الواقع المعيشي وتحسن الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وانخفاض الاستيراد، بل كنا من المصدرين للعديد من منتجاته كالقطن الخام حيناً والمحبوب “المحلوج” حيناً آخر والخيوط القطنية والألبسة، حتى القمح كنا نصدره للعديد من دول الجوار، فضلاً عن تحقق ملموس في موسط ما يخص الفرد، وقد جاءت هذه الزيادات الإنتاجية أساساً من خلال الاستثمار الكبير للموارد الطبيعية الزراعية ممزوجة بما كان متاحاً في حينها من التكنولوجيا، زد على ذلك خصوبة التربة وعدم إنهاكها في تلك الفترات، كما يحدث اليوم، فالتربة تتهالك وتتآكل  وتراجعت خصوبتها بشكل واضح وارتفعت في بعض مواقعها الملوحة، كسهل الغاب، يأتي بعد ذلك سوء البذور المستخدمة والأصناف النباتية قليلة المردود، رغم كل محاولات البحوث العلمية الزراعية، ويبقى التركيز على القطاع الزراعي له الأولوية، وتبقى قضية الأمن الغذائي الشغل الشاغل للشعوب رغم كل الملابسات المحيطة بها  هذه الأيام جراء المتغيرات المناخية المتسارعة..

والتطرف البيئي القاسي يشكل أهم التحديات للمرحلة المقبلة، فلا بدَّ من تنظيم الموارد وحسن إدارتها وفي مقدمة كل ذلك التركيز على  الخبرات العلمية والتكنولوجيا واستخدام سلالات بذرية محسنة ومجربة فعلاً لا قولاً فقط باعتبار كل ذلك من أهم العناصر  الأساسية للتنمية الزراعية المتواصلة المستدامة، سعياً لتحقيق الأمن الغذائي لنا وللأجيال القادمة والمحافظة على الموارد الطبيعية وحمايتها من التصحر وخروجها من منظومة الدائرة الإنتاجية..

نأمل أن تكون كل هذه المعطيات ضمن عمل وتركيز الحكومة الحالية.. فهل وصلت الرسالة؟

Leave a Comment
آخر الأخبار