“لابوبو” دمية عالميّة تغزو ثقافتنا بأسعار خياليّة وملامح مشوّهة

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

طرطوس- نورما الشّيباني:

بين رغبة الأطفال بالحصول عليها، ومخاوف الأهل من تأثيرها السّلبي على سلوكهم وتسابق الكثيرون على شرائها رغم ارتفاع أسعارها، تقف دمية “لابوبو” التي ذاع صيتها في العالم رغم ملامحها المشوهة، لتشكل ظاهرة غريبة متطفّلة على حياة أبنائنا ومجتمعنا.

رصداً لتأثير هذه الدّميةالغريبة على سلوك أطفالنا التقت مراسلة صحيفة “الحرية” بطرطوس الدّكتورة أمة الله غانم دكتورة في كلية التربية / قسم تربية الطفل، وبدأت حديثها بالتّأكيد على أن طفل اليوم هو رجل الغد وصانع المستقيل ومنه فهو الاستثمار الحقيقي لأي مجتمع، وكم بات هذا الاستثمار في ظل الانفتاح غير المنضبط وعالم الميديا المخيف، من أصعب ما قد يقع على عاتق الأسرة .

ألعاب  تقليدية

وبينت غانم أن الألعاب التقليدية والإلكترونية تشكل جزءاً مهماً في حياة الطّفل فتؤثر في نموه العقلي والجسدي، والاجتماعي وتلعب دوراً في تنمية التّخيل والإبداع، كما أن بعض الألعاب تساعد في تطوير التفكير المنطقي وحل المشكلات، إلى جانب تعلّم العديد من القيم والجوانب الوجدانيّة كاستخدام مسرح الدمى، والقصص التّربوية الهادفة.
وأردفت غانم إلى أن السّلبيات التي تنجم عن استخدام بعض الألعاب يجعلنا نتوقف قليلاً ونسأل أنفسنا، هل لنا الحق نحن الأهل أن نسمح لعبثيات العصر والتّقانة أن تجرفنا  وأطفالنا إلى كم من المخاطر والعادات  الخارجة عن المألوف؟

نوع من الابتذال

وأضافت غانم أن المتتبع لواقع بعض الدّمى – كلعبة لابوبو- المنتشرة اليوم في الأسواق العالمية عامة والسّورية خاصة يجد أن هناك نوعاً من الإبتذال، والإجحاف بحق الطّفولة! فكيف لدمية تجمع بين ملامح( القبح و أذنان أرنبتان، أسنان حادة -ابتسامة ماكرة ) أن تلقى رواجاً كبيراً ليس فقط بين الأطفال الصغار  بل حتى بين البالغين.

تصميم مشوه

فلنتمعن قليلاً بهذه الدمية الغريبة وتصميمها المشَّوّه الذي يتعارض مع العادات المجتمعيًة ومع عالم الطّفولة، وعلى الرغم من هذا كله حققت هذه الدمية  شعبيّة هائلة عالمياً كما تم حظرها في بعض الدًول وبعض الحقائق عنها تقول: إن أطباء نفسيين في الأردن حذروا من هكذا دمى، لارتباطها باضطرابات الأكل ، والخوف من التشوه، وفي العراق صادرت السلطات 4000 دمية بعد تحذيرات من تشابه بيعها مع اليانصيب المحرم
حيث  تباع دمى “اللا بوبو” في عبوات تعرف بالصناديق العمياء أو العشوائية، و محتوى العلبة مجهول للمشتري حتى لحظة فتحها.
أوضحت غانم أن هذه الصّيحات ،والظواهر  لا تحدث وتنشأ من فراغ، بل تعكس تحولّات اجتماعيّة ، وتكنولوجية وثقافية.

طفولة مفقودة

كما أ كدت الدّراسات أن الدّمية أصبحت تعويضاً عن طفولة مفقودة في مجتمعات تعاني عدم الاستقرار خاصة لدى الشباب، فهل هكذا يتم التّعويض عن الطفولة المفقودة لدى أطفالنا بهذه الدمية الغريبة . وهل بهذه البساطة يتم الغزو الثقافي ، وتآكل الهوية الوطنية ،واستبدال الرموز الثقافية

الأساطير الإسكندنافية

وبينت غانم أن تصميم “لابوبو” المستوحى من الأساطير الإسكندنافية يختلف جذرياً عن الدمى التّقليدية السّورية فهل لدى أطفالنا فكرة عن دمى “أمل” التي تمثل اللاجئين؟ دمية أمل العمالقة جالت 12 دولة لتذكير العالم بمحنة اللاجئين، أو دمى “أنا” الحاملة لقصص الأسر السّورية.

أصبحت ظاهرة اجتماعيّة

ولفتت غانم إلى أن الدّمية لابوبو أصبحت ظاهرة اجتماعيّة حقيقيّة وللأسف تعكس قوة التّسويق الحديث، وتأثير وسائل التّواصل الإجتماعي في حياتنا، ولا بدّ من التّذكير بالتّحذيرات والتّأثيرات السّلبية لانتشار هكذا ألعاب وخاصة بعد تحذير  باحثين تربويين من أنّ ملامح الدّمية المشوّهة قد تسبب قلقاً أو عدوانيّة  لدى الأطفال، فتعابير الدّمى العابسة تنقل مشاعر سلبية للأطفال فتزيد  من عصبيتهم، وعنفهم، كما تشوه المفاهيم الجماليّة لدى الطّفل، وتعوده على المشاهد المرعبة، مما يزيد العدوانيّة لديه، وهناك أيضاًمخاوف جديّة مثل التّسبب بالكوابيس، والفزع الليلي خاصة لدى الأطفال الصّغار أو ذوي الحساسيّة أساساً من صدمات الحرب، ولا يغيب عن أذهاننا أن الإفراط في التّعلق بالدّمية يعزل الطّفل عن التفاعل البشري ،ويحد من تكوين صداقات حقيقيّة، بالإضافة إلى شكاوي أولياء الأمور عن ضغوط نفسيّة على أطفالهم للحصول على النّسخ النّادرة والضّغوط الماديّة على الأهل أيضاً فبعض  الدّمى تروّج لسلوكيات استهلاكية مرضيّة عبر الصّناديق الغامضة الذي يشجع الأطفال على الشّراء العشوائي.

إجراءات وقائيّة

وأردفت أنه لا بد من إجراءات وقائيّة وبدائل ملموسة، لحماية الأطفال من التّأثيرات السلبية ومنها تشجيع أطفالنا على تصميم دميتهم الخاصة بهم (صنع ألعاب من مواد بسيطة أو مواد معاد تدويرها) مع استخدام القصص لنقدم للطفل أبطالاً محليين، يمكن لهم تحويل هذه الشّخصيات لدمى تحمل طابعاً ثقافياً ووطنياً مميزاً وحث الطّفل على تجميع أوراق نباتات أو طوابع أو أحجار ملونة من الطبيعة السورية على أهمية كبيرة على نفسية وثقافة الطفل والابتعاد عن كل ما هو غريب عن مجتمعنا ولا ننسى أهمية المسرح التعليمي في مدارسنا وضرورة تفعيله، مثل مسرح الدمى الذي تستخدم كأداة لتعزيز القيم المجتمعية والتعافي من الصدمات.

Leave a Comment
آخر الأخبار