الحرية – يسرى المصري:
هل أنت السوري تتقبل فكرة التغيير أم لا تزال تحبس روحك داخل صدفة التهميش والتكاسل ؟
قريباً سيشهد العالم حسب التوقعات قصة نجاح مبهرة لسوريا، وعلى شبه معجزة اقتصادية تتحقق خلال سنوات، تنخفض فيها نسبة الفقر إلى أقل من 4% بعد أن تجاوزت 70%، وتنخفض نسبة البطالة إلى ما دون 3%، ويتضاعف خلالها دخل الفرد مرات. هذه رؤية القيادة وتطلعات الشعب السوري وما تعلنه بعض الهيئات الدولية وتؤكده الجهود الحكومية التي تسعى لاستقرار سوريا وسط تحديات لا يمكن إنكارها لكن مهما تطاولت قطع الجليد ستذوب مع إشراقة الشمس والأمل والانفراج .
هذا هو التغيير المنشود وثمة فرق بين من سيبقى جامداً فتتجاوزه رياح التغيير وبين من سيصعد إلى القطار ويكون جزءاً فاعلاً في هذا التغيير …
ننظر بعين الأمل والتبصر.. بعد عدة أشهر من التحرير تمضي الحياة في هذه البلد كموج البحر.. الكثير من المتغيرات المتسارعة خارج إطار التوقع تترك أثرها على جدران التاريخ، ولعل أخطر ما يعترض سبيل التغيير بالدولة الجديدة محاولات بائسة لنشر الفوضى والفتن ما خفي منها وما ظهر .. وبالسر والعلن ..و احتدام الجدل حول من المسؤول عن حالات الانفلات وانتشار السلاح…يضاف إليها بهارات مواقع التواصل والسوشل ميديا التي تصب الزيت على النار, وفي ظل تصاعد التوتر الأمني .وعلى خلفية الأحداث في الجنوب السوري فإن الحكومة السورية وعلى لسان وزير الداخلية لفتت إلى أن ما يجري لغياب مؤسسات الدولة -خاصة العسكرية والأمنية- هو السبب الرئيسي لما نشهده من توترات مستمرة، مشدداً على أن الحل يكمن في فرض الأمن وتفعيل دور المؤسسات لضمان السلم الأهلي وعودة الحياة إلى طبيعتها.
وتعي الإدارة الجديدة حجم التحديات على مستوى الداخل، وأهمها التحدي الأمني، حيث تسعى منذ الأيام الأولى إلى سحب السلاح غير الشرعي، وحصره بيد الدولة عبر مؤسسة الجيش التي بدأت بإعادة تشكيله, فليس من المنطقي أو المقبول وجود جماعات مسلحة خارج نطاق الأمن الوطني. فالأمن السوري يعتبر هو المسؤول الأول والأخير عن حماية السوريين في كل مكان في سورية دون استثناءات ولا يقبل أغلبية السوريين حماية غير الأمن الوطني السوري .
ومن له مصالح أخرى خارج إطار الدولة ..فهم من يثيرون القلق ويرتكبون تجاوزات أو تعديات على الأملاك الخاصة والعامة وما يهم وما يبنى عليه أن الغالبية العظمى من السوريين يطالبون بوطن واحد جامع والحكومة السورية هي المسؤولة عن ضبط الأوضاع وحماية الأهالي وبسط الأمن .
ويقال عندما تتهاوى أعمدة السلطة المستبدة، ويتناثر الجبروت الحاكم مع الريح، تندفع الأمم نحو مفترق طرق، بعد أن تكسر الصور النمطية للسياسة التقليدية، تكتب بحبر الألم مع الأمل لحظات فارقة تخلدها الذاكرة، تتجاوز فيها الشعوب إرث الماضي المثقل، باحثة عن هوية جديدة، ومواطنة فريدة وأصيلة تمثّلها وتتناغم مع تطلعاتها، ومكانة تستحقها على الخارطة.
وبالعودة الى أن وقت التغيير قد حان لمعالجة وإيجاد الحلول لتحدي تأمين الحاجيات الأساسية للسوريين، الذين يعانون من أوضاع معيشية متردية فالتركة الثقيلة أنتجت أكثر من 90% منهم تحت خط الفقر، والأغلبية بحاجة ماسَّة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، وبالأمس تم الإعلان عن مساعدات مادية وعينية لعدد من المحافظات ..فضلاً عن التغيير الاقتصادي والتنموي، حيث تحتاج سوريا إلى أكثر من 500 مليار دولار من أجل إعادة الإعمار ما يعني أنها بحاجة إلى تدفق الاستثمارات العربية والدولية من أجل ذلك لكن ما يحدث من بؤر توتر .. تسيء إلى هذه الجهود الحكومية والدولية وهذا لا ينصب إلا في مصلحة أعداء سورية ..فهل من بصير؟! .
يجب علينا أن لا نخش التغيير فهو حركة طبيعية وضرورية في الكون والتغيير ليس صراعاً بين “التقدم” و”الجمود”، بل عملية تفاوض بين القديم والجديد. المفتاح هو فهم مخاوف المجتمع ومعالجتها بطرق ذكية تعتمد على الإقناع لا الإجبار. كما قال المفكر مالك بن نبي: “الحضارة لا تُنقل بالبضائع، بل تُبنى بالأفكار والقيم.”