لغة الأرقام 

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- عمران محفوض :

يلعب الرقم الإحصائي دوراً جوهرياً في سلامة اتخاذ القرارات الاقتصادية، ومن دون توافره على أسس صحيحة، فإن هذه القرارات قد تكون محل تجريب في مكان، وذات أثر عكسي على أداء الاقتصاد في أماكن أخرى، ولذلك فإن مهمة هيكلة المكتب المركزي للإحصاء، واختيار العاملين فيه على أسس مستقلة، ومهنية.. والمهنية فقط، هي إحدى أهم الشروط المسبقة لأي برنامج إصلاح هيكلي يعتمد أولاً وتالياً على عنصر الكفاءة في مجال إعداد الأرقام والبيانات؛ وتوفيرها في الوقت المناسب بين أيدي متخذي القرارات الاقتصادية في المؤسسات المعنية كلها.
صحيح أن فترة الأشهر الثلاثة تعد قصيرة نسبياً؛ لإنجاز خطة استراتيجية متكاملة بهذا الشأن الا أن العمل المنجز من قبل المكتب المركزي للإحصاء- وفق ما أُعلن عنه مؤخراً – يدل على عمق الفهم لأهمية الأرقام والمسوحات والبيانات وإصرار إدارة المكتب على ترجمة مهامه إلى منهجية واقعية تُساعد المؤسسات الاقتصادية والجهات العامة والخاصة على تحقيق التنمية المنشودة على المستوى الوطني في جميع القطاعات.
وتكمن أهمية هذا الإنجاز المرحلي في أنه محاولة ناجحة لتقديم إجابة شافية على السؤال الآتي: لماذا تعتبر البيانات والمعلومات الاقتصادية مهمة لمتخذي القرارات؟
ببساطة لأن استخدام الأرقام والبيانات الحديثة، وعلى الأسس المشار اليها أعلاه، ينتج عنها قرارات موضوعية، تخدم التوصيف الحقيقي لواقع المشكلات الاقتصادية وتجترح حلولاً متكاملة لمعالجتها بسرعة.. وفي حال غياب مثل هذه الأرقام تعتمد الإدارات عند اتخاذ القرارات على أحكام شخصية، ولا تعكس بالضرورة واقع المسار الاقتصادي، ومن ثم قد تحيد تلك القرارات عن إصلاح هذا المسار.
ومن وجهة نظر عدد من المختصين، فما زالت هناك فجوات إحصائية مطلوب سدها لتغطية احتياجات الباحثين الاقتصاديين، ومتخذي القرارات، ولا تعني الإشارة لهذه الفجوات أن إدارة مكتب الإحصاء هي المسؤولة بالكامل عن ذلك، بل قد تكون هناك مجموعة من الأسباب خارج سيطرة هذه الإدارة، والتي لا تمثل محل الاهتمام هنا، بل المهم هو توفير البيانات والمعلومات على أسس سليمة ودائمة التحديث.
وغني عن القول: إن تجميع، وتنقيح، وتصنيف، ونشر الإحصاءات الاقتصادية ليس بالأمر اليسير، إنما يحتاج إلى كوادر فنية وإدارية خبيرة، وتوفير الإمكانيات اللازمة لذلك، وفق  الشروط المعتمدة دولياً وتعاون دائم بين جميع المؤسسات العامة والخاصة لتسهيل مهام العاملين في مكتب الإحصاء وفروعه في المحافظات.
وإذا ما كان هناك من مقترحات لتطوير الإحصاءات الاقتصادية فيمكن الإشارة إلى أهمية تطعيم الإدارة المركزية للإحصاء بخبرات دولية، وعقد اجتماعات دورية بين المستخدمين للبيانات الاقتصادية، ومنتجي هذه البيانات (المكتب المركزي للإحصاء)، لتوفير الاحتياجات، والاستماع للملاحظات، إضافة إلى اقتراح توفير نشرات إحصائية إلكترونية على أساس ربعي ونصفي  وسنوي، لجميع المتغيرات الاقتصادية على موقع المكتب، وتحديثها بشكل مستمر بحيث تكون متاحة أمام المحتاجين لها كل في مجال نشاطه الاقتصادي أو الاجتماعي أو الخدمي.

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار